samedi 5 avril 2008

* الاسم الكامل : عزيز العرباوي .

* من مواليد : 25 / 12 / 1977 .

* مكانه : مدينة تازة .

* المهنة : أستاذ التعليم الابتدائي .

* الاهتمامات : كاتب وشاعر وأستاذ باحث .

· المساهمات الأدبية والفكرية والصحفية :

+ مشرف ركن المقال في منتدى العرب الأول : منتدى من المحيط إلى الخليج .

+ مشرف ركن المقال وركن الشعر بمنتدى شرفات أدبية .

+ كاتب مشارك بمجلة المثقف الإلكترونية .


+ مساهم في العديد من المواقع الصحفية والمنتديات الأدبية والجرائد الإلكترونية أذكر منها : موقع الحوار نت _ مجلة المثقف _ مجلة أصوات الشمال _ مجلة أقلام الثقافية _ موقع صحيفة الحقائق والحقائق الثقافية _ موقع الجريدة نت _ موقع ثقافة بلا حدود _ منتدى من المحيط إلى الخليج _ منتدى شرفات أدبية _ منتدى إنانا الأدبي _ مجلة إنانا _ موقع دنيا الوطن _ منتدى بوابة العرب _ موقع المنتدى العربي الموحد _ منتدى ملتقى نجدية الأدبي _ منتدى واتا الحضارية _ موقع الإعلامي والصحفي فيصل القاسم _ .... إلخ .

+ كاتب لعشرات المقالات منشورة بالجرائد الوطنية أذكر منها : عشرات المقالات بجريدة الأحداث المغربية _ جريدة المساء _ مقالات بجريدة الصباح _ مقالات بجريدة الأيام الأسبوعية _ جريدة اليسار الموحد الأسبوعية _ جريدة الاتحاد الاشتراكي _ ... إلخ .

+ لدي العديد من المساهمات الأدبية من قصة وشعر أذكر منها : عشرات القصائد الشعرية نشرت بالملاحق الثقافية للجرائد الوطنية التالية : النهار المغربية _ الصباح _ الصحيفة الأسبوعية _ ....

_ عشرات القصص القصيرة نشرت بالملاحق الثقافية للجرائد الوطنية : الاتحاد الاشتراكي _ الصباح _ المنعطف _ ....

· فاعل جمعوي وعضو رئيس اللجنة الثقافية والفنية بجمعية الكرامة الإنسانية للتنمية وحقوق الإنسان ( جمعية مستقلة تماما ) .

· الهاتف النقال : 066572429 .

· العنوان : d 11 إقامة نور بئر إنزران _ شارع بئر إنزران _ الجديدة _ المغرب .

· العنوان الإلكتروني :
elarbaouiaziz@yahoo.fr

· الموقع على الإنترنيت : ( مدونتي ) :
http://arbawi.maktoobblog.com
http://elarbaouiaziz01.jeeran.com



وشكرا لكم .......

سيرة ذاتية للكاتب :

سيرة ذاتية للمترشح :





* الاسم الكامل : عزيز العرباوي .

* من مواليد : 25 / 12 / 1977 .

* مكانه : مدينة تازة .

* المهنة : أستاذ التعليم الابتدائي .

* الاهتمامات : كاتب وشاعر وأستاذ باحث .

· المساهمات الأدبية والفكرية والصحفية :

+ مشرف ركن المقال في منتدى العرب الأول : منتدى من المحيط إلى الخليج .

+ مشرف ركن المقال وركن الشعر بمنتدى شرفات أدبية .

+ كاتب مشارك بمجلة المثقف الإلكترونية .


+ مساهم في العديد من المواقع الصحفية والمنتديات الأدبية والجرائد الإلكترونية أذكر منها : موقع الحوار نت _ مجلة المثقف _ مجلة أصوات الشمال _ مجلة أقلام الثقافية _ موقع صحيفة الحقائق والحقائق الثقافية _ موقع الجريدة نت _ موقع ثقافة بلا حدود _ منتدى من المحيط إلى الخليج _ منتدى شرفات أدبية _ منتدى إنانا الأدبي _ مجلة إنانا _ موقع دنيا الوطن _ منتدى بوابة العرب _ موقع المنتدى العربي الموحد _ منتدى ملتقى نجدية الأدبي _ منتدى واتا الحضارية _ موقع الإعلامي والصحفي فيصل القاسم _ .... إلخ .

+ كاتب لعشرات المقالات منشورة بالجرائد الوطنية أذكر منها : عشرات المقالات بجريدة الأحداث المغربية _ جريدة المساء _ مقالات بجريدة الصباح _ مقالات بجريدة الأيام الأسبوعية _ جريدة اليسار الموحد الأسبوعية _ جريدة الاتحاد الاشتراكي _ ... إلخ .

+ لدي العديد من المساهمات الأدبية من قصة وشعر أذكر منها : عشرات القصائد الشعرية نشرت بالملاحق الثقافية للجرائد الوطنية التالية : النهار المغربية _ الصباح _ الصحيفة الأسبوعية _ ....

_ عشرات القصص القصيرة نشرت بالملاحق الثقافية للجرائد الوطنية : الاتحاد الاشتراكي _ الصباح _ المنعطف _ ....

· فاعل جمعوي وعضو رئيس اللجنة الثقافية والفنية بجمعية الكرامة الإنسانية للتنمية وحقوق الإنسان ( جمعية مستقلة تماما ) .

· الهاتف النقال : 066572429 .

· العنوان : d 11 إقامة نور بئر إنزران _ شارع بئر إنزران _ الجديدة _ المغرب .

· العنوان الإلكتروني :
elarbaouiaziz@yahoo.fr

· الموقع على الإنترنيت : ( مدونتي ) :
http://arbawi.maktoobblog.com
http://elarbaouiaziz01.jeeran.com



وشكرا لكم .......

سيرة ذاتية للكاتب :

سيرة ذاتية للمترشح :





* الاسم الكامل : عزيز العرباوي .

* من مواليد : 25 / 12 / 1977 .

* مكانه : مدينة تازة .

* المهنة : أستاذ التعليم الابتدائي .

* الاهتمامات : كاتب وشاعر وأستاذ باحث .

· المساهمات الأدبية والفكرية والصحفية :

+ مشرف ركن المقال في منتدى العرب الأول : منتدى من المحيط إلى الخليج .

+ مشرف ركن المقال وركن الشعر بمنتدى شرفات أدبية .

+ كاتب مشارك بمجلة المثقف الإلكترونية .


+ مساهم في العديد من المواقع الصحفية والمنتديات الأدبية والجرائد الإلكترونية أذكر منها : موقع الحوار نت _ مجلة المثقف _ مجلة أصوات الشمال _ مجلة أقلام الثقافية _ موقع صحيفة الحقائق والحقائق الثقافية _ موقع الجريدة نت _ موقع ثقافة بلا حدود _ منتدى من المحيط إلى الخليج _ منتدى شرفات أدبية _ منتدى إنانا الأدبي _ مجلة إنانا _ موقع دنيا الوطن _ منتدى بوابة العرب _ موقع المنتدى العربي الموحد _ منتدى ملتقى نجدية الأدبي _ منتدى واتا الحضارية _ موقع الإعلامي والصحفي فيصل القاسم _ .... إلخ .

+ كاتب لعشرات المقالات منشورة بالجرائد الوطنية أذكر منها : عشرات المقالات بجريدة الأحداث المغربية _ جريدة المساء _ مقالات بجريدة الصباح _ مقالات بجريدة الأيام الأسبوعية _ جريدة اليسار الموحد الأسبوعية _ جريدة الاتحاد الاشتراكي _ ... إلخ .

+ لدي العديد من المساهمات الأدبية من قصة وشعر أذكر منها : عشرات القصائد الشعرية نشرت بالملاحق الثقافية للجرائد الوطنية التالية : النهار المغربية _ الصباح _ الصحيفة الأسبوعية _ ....

_ عشرات القصص القصيرة نشرت بالملاحق الثقافية للجرائد الوطنية : الاتحاد الاشتراكي _ الصباح _ المنعطف _ ....

· فاعل جمعوي وعضو رئيس اللجنة الثقافية والفنية بجمعية الكرامة الإنسانية للتنمية وحقوق الإنسان ( جمعية مستقلة تماما ) .

· الهاتف النقال : 066572429 .

· العنوان : d 11 إقامة نور بئر إنزران _ شارع بئر إنزران _ الجديدة _ المغرب .

· العنوان الإلكتروني :
elarbaouiaziz@yahoo.fr

· الموقع على الإنترنيت : ( مدونتي ) :
http://arbawi.maktoobblog.com
http://elarbaouiaziz01.jeeran.com
http://elarbaouiaziz.blogspot.com



وشكرا لكم .......

dimanche 30 mars 2008

لقاء وحوار مع الشاعر والكاتب المغربي عزيز العرباوي :

استطلاع يجريه : حيدر عبد الرحمن الربيعي




هل ما زالت القصيدة تلعب دورا مؤثرا عند القارئ العربي ؟


+ لا يمكننا أن نبخس الشعر حقه في أي زمان كان وبالأحرى في هذا الواقع العربي المر والذي يعيش العرب فيه أحلك أيامهم ، فالشعر تكون أهميته في حياة الناس وفي حياة المجتمع عموما ، فمن خلاله يؤرخ المجتمع لما يقع فيه من أحداث ومن تفاعل بين مكوناته البشرية ...
لقد كان الشعر ديوان العرب ومازال كذلك اليوم وهذه الحمية التي نراها على الشعراء العرب اليوم من خلال تطرقهم لمواضيع الساعة والكتابة عن الأحداث السياسية والاجتماعية ونقد الواقع المعاش في العالم العربي يوضح بجلاء أهمية الحفاظ على الشعر والدفاع عنه أمام كل الزوابع التي تريد نفيه من واقع الثقافة العربية عموما .

وهل وصلت المرأة بالتعبير عن ذاتها في القصيدة ؟

+ بالطبع نرى أن هناك تفاعل للشاعرة العربية وتأثيرا شعريا واضحا في الواقع الأدبي والشعري العربي من خلال نهجها لقصيدة الجمال والرقة والواقعية ... تجربة المرأة الشاعرة واضحة للعيان فمن خلال قراءة أي قصيدة تستطيع إذا كنت قارئا متميزا للشعر العربي أن تتبين أن القصيدة أنثوية أي قد كتبتها امرأة شاعرة بنفس شعري متميز ..
في الحقيقة أحب أن أقرأ الشعر الذي يكتب بقلم الشاعرة لأنه شعر يتميز بنبرة أدبية متميزة وواضحة في مقاربة الموضوع الذي تكتب عنه الشاعرة . ولذلك فقدرة المرأة الشاعرة اليوم على مقاربة الكثير من المواضيع التي كانت حكرا على الرجل قبل عقود فقط أصبح بمقدورها أن تعتد بنفسها شاعرة في الوجود الأدبي والثقافي العربي بعيدا عن المنع والرقابة الذكورية ...

· ما الفرق بين شعراء العراقيين بين الداخل والخارج .؟ أو الشعراء العرب المغتربين ؟

+ لا يمكننا أن نتبين الفرق بين الإثنين من خلال فقط الرؤية والقراءة السريعة لما يكتبون بل رؤيتنا لهذا الفرق لا بد أن ينبع من منطلق ما يعانيه كل طرف في واقعه الاجتماعي والسياسي والثقافي . فالشاعر ابن بيئته ولذلك فبقراءة بسيطة للواقع السياسي والاجتماعي والثقافي العراقي يمكننا أن نقول بأن الشاعر العراقي في الداخل يعيش حياة صعبة هذه الصعوبة تؤثر على إبداعاته الشعرية من خلال مناقشة مواضيع سياسية بامتياز بعيدا عن باقي المواضيع الجمالية التي غالبا ما يطرقها الشعر العربي عموما .
وهذا لا ينطبق فقط على الشاعر العراقي بالداخل فحتى الشاعر العربي عموما سواء كان معتربا أو في بلده يعيش بين أفراد وطنه فما يعانيه من واقع سياسي واقتصادي خطير يجعله يكتب بأسلوب مختلف عما كان يكتب به الشاعر العربي منذ زمان . فالنسيب والغزل والحب والعشق كلها مواضيع أصبحت مواضيع تبتعد عن تفكير الشاعر العربي المكتوي بواقع الحياة العربية ، بل صار الشاعر العربي يمارس شعر السياسة بامتياز وحتى لو تطرق لموضوع الحب والغزل فإن قصائده في هذا الموضوع غالبا ما نجدها تنحو في رؤيتها إلى النقر على وتر السياسة فيختلط الغزل بالسياسة ليفقد الشعر تلك النبرة الجميلة التي كان يعرفها في زمان شعر النسيب والغزل والمدح ....


· ما هو الفارق بين الشاعر والشاعرة في القصيدة ؟
+ كالفرق بين الرجل والمرأة ، وكالفرق بين الأنثى والذكر ، ولذلك فالشعر عند المرأة شعر يبتعد ما أمكن عن بعض الأمور التي تجعله شعرا معقدا في رؤيته ومواضيعه المطروقة وأساليبه المختلفة عن ما يكتبه الرجل الشاعر الذي يفتقد اليوم إلى رؤية شعرية تبتعد عن شعر الإحساس الآني والمشاعر الإنسانية الموغلة في العاطفية المفرطة التي تقتل جمالية الشعر كما نجده عند المرأة ...
وهذا يجعلنا نقول بأن الشعر النسائي ( مع التحفظ على التصنيف لأنني ضده ) هو شعر رقيق وموغل في الشاعرية الراقية والدافئة ، وبذلك فالشعر عند الرجل يجعلك تستحضر مجهودا كبيرا في فهم قصيدته وشعره عموما ، لأنه يذهب إلى جعل شعره مفعما ببعض الإشارات الفنية الصعبة على الفهم السريع والمفاهيم المتعارف عليها .


· وهل ما زال السجال الشعري موجود في الأدب ؟

+ لا بد أن نحدد أولا ماذا نعني بالسجال الشعري في الأدب العربي ، هذا السجال الذي يقود لا محالة إلى صراع أدبي لا جدوى منه اليوم لأنه لا يقدم ولا يؤخر في هذا الجنس الأدبي ، لأنه ببساطة نرى أن هذا السجال لم يغير من رؤية الشاعر العربي عموما حول الشعر وكيفية التعاطي معه واختيار الأسلوب الشعري الذي يريد الكتابة به . فكل أسلوب له ما يبرر وجوده وحفاظه على الوجود داخل الثقافة والأدب ، ولذلك فهذا السجال الذي بدأ يشق طريقه إلى الاضمحلال والذي عمر طويلا بفعل الصراع الأدبي الذي بدأت بوادره تتجلى في خمسينيات القرن الماضي بحكم ظهور نوع جديد من الشعر العربي وهو الشعر الحر ثم بعد ذلك قصيدة النثر والتي استطاعت أن تجد لنفسها مساحة كبيرة للتواجد وفرض وجودها بقوة الحرية التي تنعم بها في اسلوب كتابتها وجو الحرية الذي وجد الشاعر العربي نفسه فيها ليكتب قصيدة تقيه شر الوزن والقافية ، وهذا يجعلنا نقول بأن هذا السجال بدأ يذهب إلى مزبلة التاريخ وهذا منتهى أملنا ...


· هل الأدب إبداعي أم منفعي .؟

+ في عرف الأديب العربي لا نجد هذه الرؤية التي تقول بأن الأدب نفعي وبراغماتي ، بل نجد الأديب يكتب من أجل أن يجد لنفسه مساحة ممكنة لفرض رؤيته الأدبية والفكرية بوسيلة حضارية تتجلى في كتابة الأدب من كل الأجناس المعروفة . ولذلك فمن يقول بأن الأدب نفعي فهو ناقم على الأدباء وعلى الثقافة عموما .
ولا توجد أي وقائع تعطي اليقين على أن الأدباء قد حققوا ثروة كبيرة من خلال إبداعاتهم وإنتاجاتهم الأدبية ، فخلافا للفن والموسيقى فالأدب لا يخلق أغنياء وخاصة في عالمنا العربي مطلقا . فحتى لو راينا ووجدنا بعض الأدباء العرب قد أصبحوا في حالة ميسورة فهذا لا يعني أن الأدب هو وراء ذلك الغنى ، لأنه بكل بساطة لا يمكن أن يغتني الأديب في مجتمع لا يستهلك من الكتاب المنشور لهذا الأديب أو ذاك حتى ولو كان مشهورا بما فيه الكفاية ببعض الآلاف من النسخ ...


· ما هي الرؤية التي يريد أن يوصلها الشاعر والأديب للقارئ ؟
+ لا يمكننا أن نحدد لكل الأدباء والشعراء رؤية وحيدة وواحدة من خلال مشروعهم الأدبي ، فكل أديب له رؤيته وله اقتناعاته الفكرية والثقافية والأدبية والسياسية والدينية التي يدافع عنها في شعره وأدبه ، ولذلك يصعب على أي قاريء للواقع الشعري والأدبي عموما في العالم العربي أن يتبين رؤية الأدباء العرب في بوتقة واحدة ويجعلهم ضمن رؤية واحدة يدافعون عنها في كتاباتهم ...


· وما هي الصور الدالة والمؤثرة في الأدب عامة ؟

+ قد نجد العديد من الصور الدالة في الأدب عامة من خلال قراءتنا لبعض التجارب الأدبية في عالمنا العربي فنجد أغلبها تنحو إلى الصور التي تتمنطق ضمن الأحداث السياسية وتتفاعل مع ما يقع في العالم العربي من أحداث سياسية واجتماعية وثقافية ودينية ، فالدفاع عن الوطنية والدين والقيم والأخلاق والحب والغزل والروح الفكرية هي أغلب الصور التي نجدها في الأدب العربي خاصة .
إن الشاعر والأديب الذي لا يتفاعل مع ما يقع في عالمه ومجتمعه ويتأثر بوضع بلاده وأهله ليس شاعرا حقيقيا ، ولذلك فإننا كثيرا ما نسمع على لسان الناس في الشارع أو في المقاهي وهم يتحدثون عن الشعر والأدب عموما بأنه بدأ يفقد بريقه وتاثيره في هذا القاريء انطلاقا من خلق أدب مستهجن لا يتفاعل مع قضايا أمته وأهله ...


· الحداثة والقدم مصطلحات كثر تداولها – ولها صور شتى – ماهي الصور الأدبية العامة التي تتوافق مع كلا المرحلتين ؟ مثال على ذلك من قصة أو قصيدة أو رواية – وماهي وجهة نظرك العامة حول هذه الظاهرة ؟

+ هذان المصطلحان أصبحا الملجآن الوحيدان للبعض من الأدباء العرب البحث فيهما عن منفذ لتمرير فشلهم في بعض إبداعاتهم المختلفة ، ولذلك فالحداثة ليست مجرد كلمة وعبارة بسيطة يمكن من خلالها فرض التواجد الأدبي لكل أديب وكاتب كيفما كان . والقدم كذلك لا يمكنه أن يكون منفذا لبعض الكتاب الذين يتشبثون بأساليب أدبية عفى عنها الزمن ولا يستطيعون التجديد في كتاباتهم أن يرفعوا من أسهمهم في سوق القراءة والاهتمام .
فالشعر العمودي الذي مازال يكتب به البعض من الشعراء العرب والذين لم يستطيعوامطلقا – إلا القليل منهم – أن يغيروا من الاسلوب الذي كان يستعمله الشاعر العربي القديم لا يعقل أن يكون منفذا لفرض حضورهم الأدبي في الساحة . فما هو قديم قديم وما هو حداثي حداثي .
إن التجديد الأدبي يفرض علينا أن نغير من نهج أسلوب الكتابة القديم ، وهذا التجديد يبقى معبرا لتغيير الرؤية التي يحافظ عليها العديد من الأدباء العرب وكأن السلفية غزت الأدب أيضا .
هناك الكثير من التجارب التي تعاطت للحداثة الأدبية في الشعر مثلا نجد تجربة نزار قباني ونازك الملائكة وأدونيس .... وووغيرهم ...


· هل موضوع الحداثة والقدم له اثر في الإبداع ؟

+ بالطبع له أثر في الابداع وإلا فما جدوى الأدب أصلا إن لم يكن يغير الواقع واليتأثر بكل جدة وجديد . فالأدب يستقبل الحداثة مثله مثل الإنسان ولذلك فهو مرتبط بالناس والبشرية منذ زمان .
الابداع الذي لايضع نصب عينيه هذه القضية ليس أدبا وإنما هو تعبير مختلف عنه وبمجرد قراءته تستطيع أن تتبين مذى ارتباطه بالحداثة والقدم .

بلاغ إخباري حول الوضعية الصحية للمناضل محمد بوكرين :

حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي
الكتابة الوطنية

بلاغ إخباري حول الوضعية الصحية للمناضل محمد بوكرين

- تخبر الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بأن المناضل الطليعي محمد بوكرين المعتقل بالسجن المدني ببني ملال، يوجد في وضعية صحية حرجة بسبب عدة أمراض آلمت به ومن ضمنها الضغط الدموي...
- وترجع أسباب الأمراض إلى ظروف الاعتقال السيئة من ناحية، ونوعية العلاج من ناحية أخرى. حيث اكتفت إدارة السجن، بعد إلحاح كبير على مجرد تقديم مسكنات إلى الأخ بوكرين، وإلى عرضه على طبيب السجن الذي اكتفى بوصف بعض الأدوية، مع أن الأمر يتطلب نقله الفوري إلى المستشفى قصد إجراء الفحوصات الطبية الضرورية له من قبل أطباء مختصين وتقديم العلاجات المتطلبة له..
- وأن الكتابة الوطنية لتحمل وزارة العدل، التي تتبعها مديرية السجون، كامل المسؤولية عما آلت إليه صحة محمد بوكرين من تدهور، وعما يمكن أن ينتج عن عدم نقله العاجل إلى المستشفى والتأخر في تقديم العلاج الضروري والجيد إليه من نتائج خطيرة...
- وبهذه المناسبة نذكر بأن الأخ محمد بوكرين سبق اعتقاله في 6 يونيو 2007 بسبب مشاركته في وقفة احتجاجية تضامنية مع معتقلي فاتح ماي، حيث حكم عليه ابتدائيا بسنة حبسا نافذا رفعت، من قبل محكمة الاستئناف ببني ملال، إلى ثلاث سنوات بمقتضى حكم صادر في 9 غشت 2007 وهو الحكم الذي نقض من طرف المجلس الأعلى في 6 فبراير 2008، الأمر الذي سيقتضي إعادة محاكمته من قبل محكمة استئناف ببني ملال وهي مشكلة من هيئة أخرى...

- وأن الكتابة الوطنية، إذ تخبر الرأي العام بكل ذلك، لتطالب ب:
- تأمين العلاج الفوري والجيد للأخ محمد بوكرين.
- وإطلاق سراحه عاجلا.
- وتأمين المحاكمة العادلة له ولرفاقه بنفس الملف.
- كما تجدد مطالبتها بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والتعبير.



الكتابة الوطنية
الرباط في 22 مارس 2008

حوار مع الأديب والاعلامي عدنان ياسين : أجراه مصطفى لغتيري :

حوار مع الأديب و الإعلامي ياسين عدنان

نظم الصالون الأدب – فرع مراكش - يوم السبت 15مارس 2008 نشاطا ثقافيا كبيرا ، تحت عنوان "ملتقى الحمراء للشعر و الشعراء" ، حضره عدد كبير من الشواعرو الشعراء من مدن مغربية مختلفة ، كما ألقيت خلال هذا الملتقى مداخلات نقدية، انصبت على التجربة الإبداعية للأديب و الإعلامي ياسين عدنان ، احتفاء به و بالجيل الذي ينتمي إليه ، وقد كان لنا على هامش الملتقى هذا الحوار مع المحتفى به.

حاوره مصطفى لغتيري.


1- المبدع المتعدد ياسين عدنان ، ما هي انطباعاتك حول التكريم الذي خصك به الصالون الأدبي- فرع مراكش؟
- كان هذا الاحتفاء فرصة فاتنة لكي أستمع لعدد من الأصوات الجديدة التي تلت كوكبتنا نحن. أصوات يؤكد بعضها فعلاً أن الدينامية الشعرية الجديدة في المغرب لا تزال قادرة على اقتراح المزيد من التجارب القوية. أيضاً أن تجد نفسك محاطاً بأجمل شعراء مراكش من مختلف الأجيال أمر آسر جداً. لذا لا يمكنني إلا أن أشكر الأصدقاء في الصالون الأدبي على هذا الملتقى الشعري الذي يجب أن ينتظم ويشتغل في كل دورة على اسم شعري جديد نتحلق حوله ونتأمل في تجربته. والأكيد أن مثل هذه اللقاءات، والجانب النقدي منها بالخصوص، سيتيح لنا فرصة تقييم المنجز الشعري المغربي الجديد وأهمية إضافاته.

2- خلال هذا التكريم انصبت مداخلات النقاد حول تجربتك الشعرية والقصصية. هل استطاعت هذه المداخلات ملامسة العالم الإبداعي لياسين عدنان؟
- فعلاً، لقد فتح الأصدقاء الذين شاركوا في الندوة الصباحية حول تحولات الشعرية التسعينية أكثر من شرفة على خيمتي الإبداعية. فمن الممتع، والمفيد أيضاًً، أن يرى المرء وجهه الأدبي في مرايا الأصدقاء. وأعتقد أن ما نفتقده في المغرب هو هذا الحوار ما بين الشعراء والنقاد. فالمفروض أن يتكرس هذا الحوار كتقليد وتتيح له المنابر الثقافية والأدبية وكذا الإطارات والجمعيات الثقافية والأدبية المزيد من الفرص ليترسخ. فكل المداخلات التي قدمت في الندوة كانت بالنسبة لي مضيئة وعميقة وسأستفيد منها بالتأكيد.

3- ما هي الإضافات التي تشعر أن جيلك أضافها إلى المتن الشعري المغربي الحديث؟
- هل أقول قصيدة النثر؟ هذا هو عنوان الجيل والمرحلة. لكن حتى قصيدة النثر لا تكفي في الواقع لتأطير ما اصطخب في الساحة طوال العقد التسعيني. فالانشغال الأهم لشعراء هذه التجربة في اعتقادي هو البحث عن لغة تتوسّل الكتابةَ أسلوباً للوجود عبر لغة أضحت لغة كينونة في المقام الأول، لغة يتمرأى فيها العالم والوجدان إذ هي جسرُ الشاعر نحو ذاته وشرفته الأثيرة على العالم. هذا الرهان بالضبط هو ما جعل الشعراء التسعينيين ينفتحون على قصيدة النثر ليس لاقتناعهم التام بها كشكل فني، وإلا فإن الاختيار سيكون ضيقاً. وإنما بسبب الممكنات الجديدة التي يتيحها هذا الشكل على مستوى اللغة والتخييل. فالشعراء الجدد، حتى من كتب منهم مثلي قصيدة التفعيلة في السابق، لم يعودوا قادرين على ترتيب الفوضى، لذا فضلوا الانطلاق عبر المساحات التخيلية واللغوية والإيقاعية الرحبة لقصيدة النثر باعتبارها الأقدر على استيعاب انفعالاتهم، انفلاتاتهم، وتصدُّعاتهم أيضاً. وعموما، فمن خلال الانفلاتات القوية التي حققها عدد من شعراء هذا الجيل صار للشعر المغربي إشعاع أكبر في المشهد الشعري العربي وذلك حتى قبل أن يبلغ الانفتاح مداه مع ظهور الانترنت.

4- مراوحتك بين الشعر والقصة، ألا يطرح أي إشكال إبداعي بالنسبة إليك؟
- على العكس، فأنا أستمتع بخيانة القصيدة مع القصة وخيانة القصة داخل خدر القصيدة. المهم بالنسبة لي هو أنني لا أتجرد من الشاعر تماما حينما أكون بصدد مراودة قصة ما عن تفاصيلها. كما أن هناك الكثير من السرد في ما أكتب من شعر. وعموما فنصوصي الأولى زمن اليفاع كانت قصصاً رغم أن أول إصدار لي كان ديوانا شعرياً.

5- توّج برنامج مشارف الذي تعده وتقدمه على شاشة القناة (الأولى) المغربية كأحسن برنامج ثقافي لهذه السنة. ماذا يمثل بالنسبة إليك هذا التتويج؟
- إنه محفّز آخر على المزيد من الإنصات إلى تحولات الساحة الثقافية وديناميتها. لدينا بلد غني ثقافيا رغم ضعف مؤسساته. وأنا حريص على أن ألتقط هذا الغنى والتعدد الذي يزخر به المغرب الثقافي. لهذا أتنقل من حلقة إلى أخرى بين مختلف الأجناس الأدبية والأصناف الفنية والمشارب الفكرية، وكذا مختلف الأجيال والحساسيات ولغات الكتابة. إنني حريص ما استطعت على ألا أقصي أية حساسية فكرية وثقافية من مشارف. وحريص على أن أضع البرنامج رهن إشارة كل من له تصور ثقافي أو وجهة نظر ثقافية جادة في هذا البلد حتى وإن اختلفتُ معها. ربما هذا الرهان هو الذي جعل البرنامج يُحتضن بهذا الشكل من طرف المثقفين ورجال الإعلام.

6- ما تقييمك للوضع الثقافي في هذا البلد؟
- مثلما قلت لك، لدينا دينامية مهمة، لكن المؤسسات الثقافية ما زالت عاجزة عن مواكبة كل هذا الحراك. لنأخذ مجال النشر والكتاب كمثال على ما نقول. ستلاحظ أن لدينا حركة تأليف قوية في بلادنا، لكن بنية النشر والتوزيع غير قادرة على استيعاب كل هذا الزخم. وهو ما جعل الواقع الثقافي المغربي يفرز ظاهرة شاذة هي ظاهرة المؤلف الناشر الذي يطبع كتابه على نفقته ويوزعه بشكل اعتباطي ويوزع العديد من نسخه بالمجان على الأصدقاء. نفس الشيء قد نقوله على باقي مجالات الخلق والإبداع. نحتاج فعلا إلى مؤسسات، ونحتاج إلى أن نتشبع جميعا في هذا البلد بأهمية الثقافي وأولويته. وما لم تحصل هذه القناعة لدى كل من الدولة والمجتمع على السواء، فسيبقى التخبط سيد الميدان مع الأسف.

7- في برنامج مشارف دأبت على تقديم الإصدارات الجديدة، كيف تشخص وضعية الكِتاب في المغرب؟
- وضعية صعبة جداً ارتباطاً بما تحدثت عنه سابقا بخصوص واقع النشر والتوزيع في بلادنا. وعموماً دعني أخبرك أن 90 في المائة من الكتب التي أعلن عنها تصلني من مؤلفيها وليس من الناشرين. تخيل أن الناشر المغربي - باستثناء ناشرين أو ثلاثة- لا يبعث إصداراته لتلفزيون بلده الذي يخاطب قراءه المفترضين وزبناءه المحتملين والذي يوفر له عبر مشارف لحظة دعاية غير مدفوعة الأجر. لذا يضطر الكاتب إلى أن يقتطع من النسخ القليلة التي يحصل عليها من الناشر ويبعث للصحافة الوطنية والتلفزيون نيابة عن هذا الأخير. أحياناً أقتني بعض العناوين بنفسي حينما أقدر أنها مهمة وأبادر إلى اقتراحها على القراء دون أي تنسيق مسبق لا مع الكاتب ولا مع الناشر. الكتاب لا يزال غريبا في هذا البلد ويحتاج منا إلى المزيد من الاحتضان لكي نخرجه من عزلته الباردة.

samedi 29 mars 2008

تسونامي " كتاب جديد لمصطفى لغتيري :

تسونامي كتاب جديد لمصطفى لغتيري


ضمن سلسلة إصدارات الصالون الأدبي ،صدر للكاتب المغربي مصطفى لغتيري عن منشورات أجراس مجموعة قصصية جديدة ، اختار لها كعنوان "تسونامي". وتتضمن المجموعة ين دفتيها اثنتين و خمسين قصة قصيرة جدا ، نذكر منها عدالة والموت و إنفلوانزا و نكاية ونقرأ في قصة تسونامي ما يلي :"هنالك في ذيل القارة السوداء، جاء الغرباء، وطفقوا بلا هوادة، يدهنون الذيل بطلاء أبيض،فاقع لونه..
من مكانها على مقربة من رأس الرجاء الصالح،رأت موجة سوداء ما حدث ،فثارت غاضبة ..انطلقت من عقالها..اكتسحت الذيل،فجرفت ذلك الطلاء الأبيض."
كما نقرأ على ظهر الغلاف قصة قصيرة جدا تحمل عنوان "حرية" و جاء فيها"مدججين بعتادهم الحربي،تقدم الإسبان نحو جبال الريف المنيعة.. بعد محاولات عدة للاختراق، نكصوا على عقبيهم مندحرين..
حينها فقط ،أدركوا أن الحرية ليست بالضرورة،امرأةشقراء، ذات عينين زرقاوين".
ويتضمن الغلاف كذلك سيرة ذاتية للكاتب جاء فيها:
مصطفى لغتيري
حاصل على:
- جائزة النعمان الأدبية من لبنان في القصة القصيرة.
- جائزة ثقافة بلا حدود من سوريا في القصة القصيرة جدا.
- تنويه جائزة دار الحرف من المغرب في الرواية.

الإصدارت
-هواجس امرأة – مجموعة قصصية- منشورات وزارة الثقافة2001
-شيء من الوجل- مجموعة قصصية- دارالقرويين2004
-مظلة في قبر-قصص قصيرة جدا- منشورات القلم المغربي2006
- رجال وكلاب- رواية- منشورات أفريقيا الشرق 2007
- رقصة العنكبوت –رواية- منشورات دارالحرف2007.
_,___

vendredi 28 mars 2008

ليس دفاعا عن معرض القاهرة للكتاب : محمد شكري يفتح الجدل من جديد :

:أعاد القائمون على المعرض الدولي للكتابا بالقاهرة المصرية الجدل حول منع روايات الكاتب المغربي الراحل محمد شكري ، بحيث حطم المعرض الرقم القياسي في المدة التي لحقت روايات الكاتب المغربي فاقت ثلاثة عقود . لقد شكلت روايات وكتابات محمد شكري نقاشا حادا بين العديد من النقاد والكتاب العرب في كل البلاد العربية لأن هذه الكتابات عرف عنها جرأتها ودخولها عالم المحظورات في التعاطي مع الكتابة في عالمنا العربي . ورغم القناعة العميقة بضرورة إيجاد مساحة من الحرية للمبدع والكاتب لإنتاج كتب وروايات ودواوين تثري المكتبة العربية بها رفوفها الشبه فارغة نتيجة للعديد من الأمور الأخرى المتعلقة بسوق النشر والتوزيع وبمستوى القراءة في العالم العربي عماوما ، لكن مطالب احترام الحد الأدنى من الأخلاق في الإبداع والكتابة كانت بالمرصاد لمثل هذه الكتابات والإبداعات . وقد وجدت هذه المطالب قدرتها على التواجد القوي في مصر خاصة ، بحيث ظهرت توجهات تفرض نمطا معينا من الرؤى الفكرية والأدبية التي يجب أن يستحضرها أي كاتب أو مبدع ، ولم يسلم العديد من المفكرين والمبدعين من عقوبات واعتداءات معنوية ومادية جراء تجرئهم على تخطي هذه الخطوط المرسومة عليهم من طرف لوبي ديني قوي متمثل في الأزهريين وبعض أقطاب الحركات الإسلامية والسلفية في مصر . ونذكر كمثال هنا ما وقع للمفكر والكاتب اليساري والعلماني نصر حامد أبو زيد الذي تعرض للكثير من المضايقات تمثلت في مطالب بتصفيته وتطليق زوجته ، وأيضا ما وقع للأديب الكبير نجيب محفوظ في الاعتداء الشهير الذي أفقده القدرة على الكتابة بيديه لسنين طويلة .إن القاريء لروايات وكتابات الراحل محمد شكري سيجد أن هذا الكاتب يسلك دربا وحيدا وواحدا في خطه الأدبي لا يكاد يخالفه في أغلب كتاباته . بحيث أن أغلب إبداعاته تنحو منحى نقديا لواقع مجتمعي مهمش ، بل يريد من خلال أدبه أن يفضح واقعا مجتمعيا غارقا في الفساد والشذوذ والأمراض الاجتماعية الكثيرة الموجودة فقط في مخيلته ، وكأن أي مجتمع عنده لا يمكنه أن يتميز بما يخالف رؤيته هذه . لقد كتب محمد شكري أغلب كتبه ورواياته في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي ( ق . 20 ) ، وهذا القرن لم يكن يعرف كل هذه الأمور التي ذكرها محمد شكري ، بل كان قرنا مازالت المجتمعات العربية لا تقبل كل هذه الأمراض والتجاوزات الأخلاقية ، بل إن روايته ( سيرته ) " الخبز الحافي " والتي بعد قراءتها يحس المرء وكأنه يعيش في مجتمع غارق في كل هذا الدرن والفساد الأخلاقي والاجتماعي ، بل نقل لنا واقع أسرة مغربية ( أسرته هو ) من ستينيات القرن العشرين مفككة وغارقة في كل أنواع الرذيلة . وبهذا لا يمكننا أن نذهب معه في هذه الرؤية ، فحتى لو وجد شخص أو أكثر في أسرة ما فاسدا فهذا الأمر لا يمكنه أن ينطبق على جميع أفرادها .إن كتابات محمد شكري تكاد تكون متشابهة في رؤيتها الأدبية للمجتمع المغربي المعروف بمحافظته المفرطة ، ولذلك نراه قد جنى على هذا المجتمع الذي ينتمي إليه هو ، وما عمله هذا المفرط في النقد اللاذع سوى فعل يريد من ورائه شيئا آخر قد ندخله ضمن طلب الشهرة والمال والجاه في عالم يبحث عن مثل هذه الخرجات وهذه الكتابات التي تضرب قيم المجتمع ودينه وأخلاق أفراده . ولقاريء روايات محمد شكري أن يتبين هذه الأمور ، وحقيقة فبعد قراءتي لأغلب رواياته وجدت أن محمد شكري لم يكن منصفا في رؤيته للمجتمع المغربي في زمان كان هذا الأخير مجتمعا محافظا ومتماسكا بين أفراده ، وحتى هذه الفلتات التي أتى بها وعلى ذكرها كانت قليلة جدا سرعان ما يتم التغلب عليها ، بل لا يستطيع الخارج عن الأخلاق والقيم المجتمعية والدينية أن يجهر بفعله وإلا حصد حقد الناس جميعا ، وبذلك يمكننا أن ندعي بأن الكاتب قد مارس الخيال في كتاباته أكثر من الحقيقة والنقد البناء لواقع مجتمعه .ونمر إلى مسألة منع رواياته بمعرض الكتاب بالقاهرة لنقول بأن للقائمين على المعرض أن يروا ما يناسب رؤريتهم القيمية والثقافية والأخلاقية . وفي الحقيقة ورغم كرهي للمنع والحظر على الإبداع لكنني أجد نفسي هنا مضطرا إلى عذر القائمين على هذا المعرض ، بحيث أجد عذري له مبررا مادمت لا أحتمل بقاء رواية " الخبز الحافي " في مكتبتي الشخصية بمنزلي وتزيينها بها لأنها رواية لا ترقى إلى مستوى روايات كتاب مبتدئين تعالج قضايا حساسة ومهمة عوض الحديث عن الشذوذ والدعارة والعادة السرية .... وغيرها من الأمور التي تمرض العقل والقلب .قد يقول البعض بأنني متزمت في رؤيتي هذه ، ولكن في الحقيقة لا أرى أن هناك تزمت في هذه الرؤية . فلا يعقل لهؤلاء أن يطالبوا بمقاطعة معرض تدنسه إسرائيل بحضورها فيه كمعرض باريس بفرنسا أو بمعرض تورينو بإيطاليا ، ولا يدعمون قرار معرض دولة عربية ( إسلامية ) تريد منع روايات فاسدة فارغة من أي إبداع وأدب حقيقي . ولا يمكن انتقاد رواية لكاتب شاذ كعبد الله الطايع المغربي وقبول روايات لمحمد شكري لا تختلف عن هذه الرواية في موضوعها ورؤية كاتبها . ومن هنا يمكننا تقبل هذا المنع وهذا القرار الذي اتخذته إدراة المعرض .
_ 1 _ تقاتلتم يا عرب الأمسِ
من أجل جرعةِ ماءْ .
ومن أجل امرأةٍ وبعيرْ .
ومن أجل كسرةِ خبزٍد
ومن أجل هندٍ ...
وليلىَ ... وأسماءْ .
وبثينةَ .... وفاطمةَ ... وعبيرْ .
ثم تركتم إرثا غنياً لناَ ....
من الحقدِ بيننا
ومن الجرحِ والقمحِ والشعيرْ .
وتركتمْ جنوداً معاقينَ جسدياً
وعساكرَ معاقينَ عقلي
اًوابنَ شاعرٍ سكيرْ .
ونساءً كإناثِ الخيلِ
لا يسمعنَ إلا لصوتِ الأميرْ .
وصوتِ حاجبهِ ....
وصوتِ الوزيرْ ....
_ 2 _
_نمتمْ كثيراً يا عربَ الأمس
حتى أصبح الشاعرُ يصيحْ .
ومات كل الأنبياءِ والأولياءِ
وتولى المسيحْ .
وملكَ سرةَ الوطنِ الذبيحْ .
علهُ يسكُنُ إلى جوارهِ
وينسيه أيامَ الزمنِ الكسيحْ .
وعقلَ العربِ القبيحْ .
لكنه أتخمَ الوطنَ هزائمَ لا تحصى
وتركه كعصفورِ جريحْ .
_ 3 _
ليس صحيحاً ما تدعونْ .
أنكم ملكتمْ إمبراطوريةً عظيمهْ .
واستشهدتمْ بكتبِ التاريخِ القديمهْ .
فهل حقاً تعطونَ للتاريخِ قيمهْ ... ؟
_ 4 _
خرجتم يا عربَ الأمسِ
من كل حربٍ
خاسرينَ آلافَ الأشياءْ .
آلافَ الرجالِ الأقوياءْ .
آلافَ الخيولِ وآلافَ النساءْ .
_ 5 _
عربُ اليومِ عنكمْ يكتبونْ .
مئاتِ الكتبِ والدواوينْ .
لكنهمْ حذرونْ .
أن يقعوا فريسةً للتجربةِ
وللقدوةِ التي يدعونْ
.وخائفونْ .
إذا ما دعوا
إلى أمرٍ عظيمٍأحقاً يذهبونْ ..... ؟؟؟

jeudi 27 mars 2008

في حوار مع الباحث والمترجم والقاص المغربي : محمد سعيد الريحاني : أجرى الحوار : سليمان الحقيوي ومحمد العناز :

سؤال: منذ صدور مجموعتكم الأولى، "في انتظار الصباح"، سنة 2003 يبقى اشتغالكم على لعبة الضوء (الأبيض والأسود) انطلاقا من أغلفة صور المجاميع القصصية وانتهاء بمحتويات النصوص، ما هي تفاصيل هذا الوعي الجمالي؟


جواب: لو لم أكن كاتبا، لكنت، بكل تأكيد، فنانا تشكيليا. فقد تربيت على يد أخت فنانة جادت علي بكل ما اكتسبته من حب للجمال ومهارة في نقله بالخط واللون والكلمة. ولأسباب تتعلق بصغر سني (15 عاما آنذاك)، لم تسمح لي عائلتي بالسفر إلى مدينة بعيدة كطنجة لتحويل هوايتي إلى دراسة. لكن، رغم عدم استكمالي لمسار كنت أتمناه وهو الفنون التشكيلية، فإن عشقي للوحة لم يتوقف ما دامت الحياة مستمرة. فلا زال الفن يدب في عروقي لدرجة لا أقبل فيها، الآن بعد دخولي عالم النشر الورقي، بتصميم غيري لأغلفة كتبي...
ولعل اهتمامي بالفن ظاهر في نص "حديث غراب" حيث نقرأ بعض المفاهيم من المعجم الفني التشكيلي كما في هده الفقرة:

"سُتنَصَبُ حاملَ اللوحة وتُخرِج أدوات الرسم والتلوين من حقيبتك استعدادا للعمل وتجلس لترتيب الأصباغ على حاملة الألوان.
(...)
الطــبـيعة أمام عينيك صامتة، مـيتة... إنما المنظر متوازن وجيد التأطير: الأشجار على حافتي اللوحة تقف إطارا لها تسمر في خلفيتها القريبة بغل محمل بالأثقال، أما في خلفيتها البعيدة فــترعى ثيران مغلولة القوائم، يجر أقواها من القرنين عبد من عبيد الضيعة، ويتقدم به نـحو واجهة اللوحة…
يتبع الثور العبد دون عصيان ليربطه في جذع شجرة مقطوعة، قبالتك، في منتصف اللوحة،في انتظار الآتي..."

(مقتطف من نص "حديث غراب" عن المجموعة القصصية "في انتظار الصباح" الصادرة سنة 2003، الصفحة 30)

ربما على هده الخلفية، يمكن قراءة حضور الضوء والظل بدء من "تصميم الأغلفة" ومرورا ب"تشكيل النصوص" وانتهاء بتقسيم المجاميع القصصية المنشورة إلى "مجاميع فاتحة" و"مجاميع داكنة".
الضوء والظل يعادلان في معجم رموز اللاشعور الجمعي الإنساني للمنطوق والمسكوت عنه في النص، للمركزي والهامشي في الموضوع، للواعي واللاواعي في الخطاب...
الضوء والظل يحتلان قيمة رمزية في نصوصي كما يمكناني من تنشيط التقابلات التي أشتغل عليها بنجاعة ما بين الوجود والعدم، التطور والثبات، الفعل واللا فعل، الواقع والمثال، الحياة والموت ، القول والفعل، الوضوح والغموض، اليقين والشك، الاستقرار والتيه، الإنفتاح والتطرف، الفرد والمجتمع، الحب والكراهية، الحرب والسلم، المنطوق والمسكوت عنه...


سؤال: تذكرنا قصتك الجميلة "مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي" بالسخرية المرة في قصص زكريا تامر، ما هي حدود التقارب والتباعد بينهما؟
جواب: الأحجية كانت أولى العربات التي قادتني إلى عالم الحكي إلى جانب النكتة التي تظل العربة الثانية. فقد كنت، في فترة مراهقتي، أحفظ عن ظهر قلب أغلب النكت المتداولة. بل كنت ماهرا في التصرف فيها نصيا كما كنت أولي شكل العرض الجسدي للنكتة عناية خفية. ولعل من الآثار الظاهرة للنكتة في نصوصي القصصية الراهنة هي"السخرية"، هذه الأداة السردية والأسلوبية الفعالة القادرة على توليد القراءة المناسبة للنص وإيقاظ القارئ ذاته.
إن السخرية أسلوب فني وظيفته "قلب" تذوق الحياة و"قلب" الرؤية للعالم وللوجود. بل إن السخرية لا تكتفي بقلب الرؤى والقناعات والتوقعات. إنها أسلوب في التعبير وشكل من أشكال دعم «تعددية المعنى» في النص الذي يحتمل أكثر من قراءة وأكثر فهم. وبذلك تصبح السخرية منارة لعوالم نغفلها بفعل العادة والكليشيهات والرغبة في الحفاظ على خطاب واحد "جدي"، وتنقلنا إلى ما وراء القراءة الواحدة للواقع وللوجود بتمكيننا من لزوم المسافة من الخطاب المسرود. وهي فرصة ثمينة لاختبار الرؤى وتقييم الأحكام والقناعات. وللسخرية أدوات عديدة أهمها:
أولا، تقنية السارد المغفل ironic persona=) ( حيث السارد لا يعلم مصيره وباقي الشخوص يعلمون كما في نص "الرجل الأرنب" من مجموعتي القصصية "موسم الهجرة إلى أي مكان" (2006) .
ثانيا، تقنية التضاد بين رؤية الشخصية للوضع وحقيقة الوضع في الواقع (=Situational irony) كما في نص "أرض الغيلان" من مجموعتي القصصية "في انتظار الصباح"(2003) .
ثالثا، تقنية "السارد الدنيوي" ( (dramatic irony= الذي يعرف القراء مصيره بينما يجهله هو بمعية بقية الشخوص كما في نص "حالة تبلد" من مجموعتي القصصية "موت المؤلف".
رابعا، تقنية التنافر بين القول والمقصود، بين الدال والمدلول ((verbal irony= كما في نص "الحياة بالأقدمية" من المجموعة القصصية " موسم الهجرة إلى أي مكان "(2006).
وأود بالمناسبة أن أشير إلى أنني، في سبيل تثبيت قراءة جامعة ومبوبة لأعمالي، سأعمل على طبع مجاميعي القصصية في مجلدات، في "أعمال كاملة"، وستبوب مجلدات الأعمال الكاملة إلى صنفين: "مجاميع قصصية داكنة" و"مجاميع قصصية فاتحة" .
"المجاميع القصصية الداكنة" وهي المجاميع التي بدأت بها مشواري الإبداعي والتي هيمن اللون الأسود على أغلفتها والسخرية على أساليبها والتوق للحرية على مضامينها. وهده المجاميع القصصية هي "في انتظار الصباح" و"موسم الهجرة إلى أي مكان" و"موت المؤلف" و"وراء كل عظيم أقزام" و"حوار جيلين" (المجموعة المشتركة مع القاص المغربي إدريس الصغير).
أما الصنف الثاني من مواد الأعمال الكاملة، فَسَيُجَمََعُ ضمن مواد مجلد آخر بعنوان "مجاميع قصصية فاتحة" وهي المجاميع التي سأختم بها تجربتي في الكتابة القصصية والتي سيستبدل فيها اللون الأسود على الأغلفة بألوان أكثر تعددية ومُغايَرَةً وستفسح الحرية مجالا أرحب للحب والحلم وستنجلي السخرية، موضوع سؤالكم، ليحل محلها "الخلاص". والمجاميع القصصية المندرجة تحت هذا "الصنف الفاتح" من الأعمال القصصية هي "هكذا تكلمت سيدة المقام الأخضر" و"كما ولدتني أمي" و"كيف تكتبين قصة حياتك"...


سؤال: نصكم القصصي الموسوم "مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي" يخرج عن الخطاطة السردية التي تتضمن الاستهلال والحدث والوضع والمدخل ثم النهاية، إذ أن حالة اللا توازن هي المهيمنة في النص بأكمله والسارد عبر تقنية التكرار يعتمد خلخلة أفق انتظار المتلقي، كيف تعلل ذلك؟

جواب: نص "مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي"، من بين كل النصوص القصصية التي كتبتها، يبقى النص القصصي الوحيد الذي تعدى عند نشره حاجز الأربعين منبرا إبداعيا عربيا، بين رقمي وورقي، وأنا سعيد بذلك.
أغلب الكُتََاب يقاومون الحديث عن نصوصهم وأعمالهم ليس من باب التواضع ولا من باب الإيمان بأن النصوص "تنكتب" لوحدها. إن الكُتََاب يقاومون الحديث عن نصوصهم وأعمالهم لسبب بسيط وهو أنه ليس بمقدورهم الحديث عن أعمالهم ب"موضوعية" ما داموا لحظة الكتابة يكونون أسرى الذاتية وأسرى رؤية أعمالهم من الداخل. ولذلك، اعتقد بأنني، بعد مرور سنوات على كتابة هدا النص، أستطيع الحديث عنه ك"قارئ" متجرد من كل "ذاتية".
أعتقد أن أربع خواص تميز نص "مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي": أولا "الاحتفال بالرمز" أي الاسم الفردي، وثانيا "الكاليغرافية" أي محاولة تجسيد المضمون بصريا، وثالثا "خاصية القصر" أي قلب البطولية والعظمة التي يمكن أن تحيل عليها عظمة المدينة واسم حاكمها العظيم، ورابعا "التكرارية الوظيفية".
ف"الاحتفال بالرمز"، العنصر الأول من العناصر الأربعة المتحكمة في خيوط نص "مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي"، يستمد، مثل سائر نصوصي التي يكون فيها الاسم الفردي هو الشخصية المحورية، مبرر وجوده ومقوماته الفكرية ورمزيته الإبداعية من كتابي الأول "الاسم المغربي وإرادة التفرد" سنة 2001 والذي اعْتُبِرَ في حينه أول دراسة سيميائية للاسم الفردي العربي. وقد تم توظيف هدا الاسم الفردي بالذات، "الحجاج بن يوسف الثقفي"، نظرا للإجماع التاريخي القوي على ارتباطه بالظلم والتنكيل والبطش والتعصب للرأي الواحد. وبدلك، هيمن "الاسم الواحد"، اسم "الحجاج بن يوسف الثقفي"، "اسم الحاكم المطلق" على كل شبر من الأرض وكل نسمة هواء وكل جملة وكل فكرة وكل صورة... فصادر ملامح الناس لتبقى ملامحه هو، وحول كل الأحياء إلى مجرد عابرين في الحياة ليبقى وحده الخالد السرمدي الأزلي...
أما العنصر الثاني، عنصر"الكاليغرافية"، فيبقى أحد تجليات شغفي بمصالحة شكل النصوص بمضمونها. وعلى ضوء ذلك، فقد افتتح نص "مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي" بمحاولة للمصالحة بين شكل العرض ومضمونه بحيث نلمس عند بداية النص "رسما كاليغرافيا" لمثلث مقلوب، رمز تصحيح هرمية غير مناسبة، بحيث تبدو قاعدة المثلث في الأعلى والرأس في الأسفل يصبح معها النص الشذري المكتوب داخل المثلث المقلوب كسهم يشير لجهة الدخول للنص. أما النص الشذري المكتوب داخل المثلث فلم يكن غير الشعارات المكتوبة على السبورات الحديدية الراسية على جانبي الطريق لاستقبال الزوار من السائقين خلال دخولهم "مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي" كما نقرأ هنا:

"من أجل مدينة حجاج بدون دور صفيح في أفق 2999"،
" من أجل مدينة حجاج بدون رشاوي في أفق 2999"،
" من أجل مدينة حجاج بدون بطالة في أفق..."،
" من أجل مدينة حجاج بدون سجون في..."،
" من أجل مدينة حجاج بدون ..."
" من أجل..."
"..."
(مقتطف من نص "مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي" عن المجموعة القصصية "موسم الهجرة على أي مكان" الصادرة سنة 2006، الصفحة 25)

وتضيع الشعارات عند نهاية المثلث المقلوب مع بداية ضياع السارد في هده المدينة العجائبية، "مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي"...
أما بالنسبة للعنصر الثالث من العناصر الأربعة المهيمنة على النص فيبقى عنصر "القصر" سليل ثقافة "المينيمالية" لكن استثماره في النص كان لغاية فنية تتقصد تضمين الموقف في الشكل من خلال قلب مفهوم "العظمة" و"الأسطورية" و"الجلال" التي قد يتوقعها القارئ منذ أول وهلة من خلال قلب الحجم المتوقع ومن خلال قلب أشياء أخرى كثيرة...
أما العنصر الرابع، "التكرارية الوظيفية"، فيبقى أداة أسلوبية أثبتت فعاليتها على مر تاريخ الإنتاج الرمزي عموما. ونجاعة "التكرارية" رهينة بالسياق العام الذي تشتغل فيه: فالتكرارية في المدارس تفيد التلقين وحفر المعارف في ذاكرة المتعلم، وفي السيرك تفيد التكرارية الترويض لتعويد الحيوان المتوحش على صفته الجديدة كخديم للفرجة والتسلية، وفي خطابات الوعظ تتقصد التكرارية التهييج والتحريض والتثوير، أما عند الصوفية فتساعد تكرارية الإيقاع والحركة والتسبيح على تجميد العقل قصد السمو بالروح على خلفية أن السمو بأحد القطبين، العقل والروح، يقتضي تجميد الآخر...
ولدلك، أعتقد أن وظيفية تكرار عبارة "الحجاج بن يوسف الثقفي" اثنين وعشرين مرة (22 مرة) في نص "مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي"، أو "مدينة الحاكم المطلق" كما سماها البعض، تنهل رمزيتها من الوظائف المذكورة آنفا.


سؤال: يشكل الوصف أحد المكونات في لتجربتكم السردية، غير أنه في كثير من القصص لا يضطلع بوظيفة المحفزات بل بوصفه من الثوابت الأساسية لعوالمكم السردية، هل يتعلق الأمر باشتغال على اللغة؟

جواب: مجموعتي القصصية "موسم الهجرة على أي مكان" الصادرة سنة 2006 تفتتح موادها القصصية بشهادة حول فلسفتي في الكتابة القصصية. فعلى الصفحتين السادسة والسابعة يمكنك قراءة الفقرة التالية:
" قارئ أعمال الروائي الأمريكي أرنست هيمنغواي يستطيع بسهولة رصد أسلوبه المتميز بجمل بسيطة قد تطول أحيانا بسبب ميله الظاهري لاستعمال "واو العطف". والمتتبع لأعمال الأديب والفيلسوف الفرنسي ألبيرت كامو يقرن بين الرجل وأعماله وجمله القصيرة جدا. والمقبل على روايات الكاتب الأمريكي ويليام فولكنر يستعد مسبقا لقراءة جمل طويلة متحررة من قيود القواعد والخوف من ارتكاب الأخطاء مادامت مجرد أفكار في رؤوس الشخوص الروائية...
السائد، إذن، هو أن الأسلوب هو الرجل. لكنني أعتقد أن نصوصي ضد النمطية، ضد كل أشكال النمطية. فالنص هو ما يجب أن يحدد الشكل القصصي، أي أن يكون الشكل الفني منسجما ومضمون النص: ان يكون للنص هوية في ذاته، لا أن يكون الشكل دلالة على هوية خارجية هي هوية كاتبه.
التقنيات والطرائق الأسلوبية والسردية يجب أن تنبعث من رحم النص الإبداعي، لا أن تفرض عليه من الخارج. لكل نص شكله الخاص وأساليبه الخاصة وطرائقه الخاصة."
(مقتطف من الشهادة المنشورة في مستهل أضمومة "موسم الهجرة على أي مكان" الصادرة سنة 2006، الصفحة 6-7)

أعتقد أن الثابت الوحيد في كتاباتي هو هاجس البحث عن الشكل السردي المناسب لمضمون النص السردي وأحيانا ثانية هاجس إيجاد المضمون الحكائي المناسب لشكل قصصي يريد التحقق. لهذا، فالوصف والحوار والسرد والشخوص والفضاء والزمان والمنظور والأسلوب واللغة ليست ذات قيمة في حد ذاتها. إنها تستمد قيمتها من وظيفتها داخل البنية العامة للنص. ففي الوقت الذي يهيمن فيه الوصف على نص "كلاب" الذي يُعْرَضُ على القارئ بواسطة "عين الكاميرا التصويرية"، يسيطر الحوار على نص "شيخوخة"، بينما يبقى السرد سيد الموقف في نص "الحياة بالأقدمية"، في الوقت الذي يتحكم في الزمن في رقاب مكونات نص "الأبدية"...


سؤال: يُلاحظ انك تركز على الجمل الخبرية وتبتعد بأكبر قدر ممكن عن أدوات الربط وحروف العطف، هل يتعلق الأمر بثورة على موروث سيبويه؟

جواب: "لا نمطية في كتاباتي"، على الأقل من حيث المبدأ. وربما قدم نص "إخراج تافه لمشهد تافه" الدليل الواضح على هذا المبدأ الذي ألتزم به في كل كتاباتي الإبداعية. فالأسلوب، بالنسبة لي، ليس هو الكاتب ولكن "الأسلوب هو شكل المضمون". وما دام المضمون يتغير من نص لنص فمن الضروري أن يتغير الأسلوب من نص لآخر.
في نص "إخراج تافه لمشهد تافه"، وهو بالمناسبة "باروديا" Parody لواقع العمل الجمعوي في بلداننا العربية، يمكن من خلال المداخلات الأربع التالية رسم صورة المتدخل وطريقة تلفظه وشكل تفكيره. نص "إخراج تافه لمشهد تافه" يبقى أهم نص قصصي قصير كتبته يتميز بالتعددية الأسلوبية ويعي وظيفيته وقدرته على نقل الموقف من خلال الأسلوب. وفي هدا الصدد، يمكننا أن نقرأ:

"لائحة المداخلات :
* المداخلة الأولى:
في. البداية. أود. أن. أشد. بحرارة. على. يد. جمعيتنا. العتيدة. على. مجهوداتها. الجبارة. فداء.للمصداقية. و. الإشعاع. و. التنوير. تحت. قيادة.السيد. رئيس. الجمعية. أطال. الله. في. عمره. و. أدام. على. الجمعية. سديد. أفكاره. و. لا. يفوتني. أن. أهنيء.الجمهور. الكريم. على. هذا. العرض.التاريخي. الذي. س. يتذكرونه. ما. داموا. على. قيد. الحياة. وشكرا.
* المداخلة الثانية:
تحية للأستاذ أبجد هوزحطي الذي تفضل مشكورا بهذا العرض الشيق والرصين، في آن، عن حرية التعبير. وأنا لما أقول الشيق والرصين فأنا لا أقصد اللعب على الألفاظ والجمع بين المتضادات بقدر ما أقصد قدرة الأستاذ المحاضر على الإحاطة بكامل جوانب الموضوع. بمعنى آخر ،شمولية الرؤية للموضوع. وأنا لما أقول شمولية الرؤية للموضوع فأنا لا اقصد استعارة معاجم الفاشية والأنظمة الشمولية بقدر ما أقصد الرؤية المتعالية عن كل إيديولوجيا أو تحيز مسبق. بمعنى آخر، الحقيقة. وأنا لما أقول الحقيقة، فأنا لا أقصد ... بقدر ما أقصد ... بمعنى آخر... وانا لما أقول... فأنا لا... بقدر ما... بمعنى آخر...
* المداخلة الثالثة:
قبل كل شيء، أود في البداية، أن أقول، بكل ثقة في النفس، أنه ، حسب رأيي المتواضع، وأنا لا أدعي علما، أنه، فضلا عما سبق التطرق إليه والتفصيل فيه في هذه المحاضرة القيمة والغنية والمفيدة ،يمكن كذلك القول والجزم، مع قليل أو كثير من التحفظ، وليس في ذلك حرج ، أنه كان بالإمكان، وهناك دائما إمكانيات، إضافة أشياء أخرى، وشكرا.
* المداخلة الرابعة:
من حيث المبدأ، ليس هناك أبدع مما قيل. خاصة وأنه كان يجب كذلك دونما من حيث هو فضلا عن ذلك ولعل ما أو ربما صار وشكرا."
(مقتطف من نص "إخراج تافه لمشهد تافه" عن المجموعة القصصية "موسم الهجرة على أي مكان" الصادرة سنة 2006، الصفحة 32-33)

"لا نمطية في كتاباتي" و"لا نمطية في فكري" و"لا نمطية في سلوكي". أنا أكتب رأيي ويهمني كثيرا الشكل التعبيري الذي اختاره لتحقيق هده الآراء جماليا. لا أدعم أي اتجاه إبداعي ينتصر لشكل ثابت لنقل كل المضامين كما لا أؤيد أي توجه يدافع عن مضمون ثابت صالح لكل الأشكال.


سؤال: كيف يستطيع محمد سعيد الريحاني القاص أن ينفلت من محمد سعيد الريحاني الناقد؟

جواب: لا اعتقد أن علاقتي بذاتي هي علاقة مطاردة الناقد للقاص أو العكس. أعتقد أنني أسعى إلى بلورة مشروع جمالي أشتغل في ضوئه على رسم معالم الحياة كما أريدها. وبدلك يذوب الناقد في القاص كما يذوب القاص في الناقد.


سؤال: حظي عملك الموسوم بالحاءات الثلاث باهتمام المتتبعين بالشأن الثقافي خاصة منه السردي لماذا اخترتم التركيز على تيمة الحرف "حاء"؟ هل يتعلق الأمر بخطوات منهجية أم برؤية خاصة؟

جواب: لقد تم تجريب عدة أشكال من الشعرية: شعرية جنس أدبي بعينه، ثم "شعرية القصر"، ثم "شعرية الناقص"... والآن، يتم تجريب "شعرية الحرف الخلاق" التي تنفست برئة العديد من الإصدارات المتميزة ك "نون النسوة"، "حاءات متمردة"، "الحاءات الثلاث"...


سؤال: الترجمة رهان صعب، لكن وأنتم مقبلون على ترجمة هاته الحاءات، ما هي الإكراهات التي تصادفكم في هذا المشروع؟

جواب: رواد الفلسفة الوجودية الأوائل اعتبروا أن الإنسان "أُلْقِيَ به في هذا العالم بلا حماية ولا رعاية ولا أمن ولا نظام وأنه عليه تدبر أمره لوحده". وربما كان هذا حاليا هو حال الغيورين على الثقافة العربية من محققين وموثقين ومؤلفين ومترجمين الذين يعتمدون على مجهوداتهم "الذاتية" وتمويلهم "الذاتي" في إنجاح مشاريعهم "الذاتية" التي "لا تهم أحدا سواهم".


سؤال: هل يعني ذلك أننا نشهد النهاية التراجيدية لزمن الكتاب الورقي؟ وهل حقا يشكل الكتاب الإلكتروني بديلا جديرا بالاهتمام؟

جواب: كتب رولان بارث مرة "أفق الناقد هو أن يصبح كاتبا". وإذا كان الأمر لا زال كذلك في زمننا الرقمي هدا، فإنني أود أن أضيف أن "أفق الكاتب الرقمي هو أن يصبح كاتبا ورقيا". وبالمثل، يبقى "أفق الكتاب الإلكتروني هو أن يصبح كتابا ورقيا منشورا". ففي رأيي المتواضع، يبقى الكتاب الإلكتروني حاليا مجرد جسر عبور نحو الورقية لعدة أسباب تهم مراكز الخلل في جسم الكتاب الورقي أهمها: عدم قدرة الناشر العربي الورقي على المغامرة بطبع نسخ تفوق ألف نسخة، ضعف التوزيع، سلطة الرقابة، هيمنة العقلية القبلية والحزبية لدى النقاد الورقيين، تفشي الأمية لدى عموم المواطنين، استفحال ظاهرة "القُرََاء الصََدِئِينَ" الذي تخلوا عن القراءة بمجرد الحصول على الشواهد أو على فرص عمل...
في أجواء ضعف الكتاب الورقي العربي هده، طور الكتاب الإلكتروني مسارا مغايرا تفاعل من خلاله مع القراء رغم بعد المسافات وتواصَلَ معهم فوق ظهر الرقيب والسياسي والعراقيل وصناع العراقيل... وبدلك صار الكتاب الإلكتروني يقوم بأربع وظائف:
الوظيفة الأولى، وهي وظيفة تشاركية يهدف من خلالها الكُتََاب الرقميون إلى نشر "مسوداتهم" أو "مشاريعهم الإبداعية" مباشرة على الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت) بغية تلقي الملاحظات والتصويبات والتدقيقات في أفق تطوير العمل قبل نشره ورقيا.
الوظيفة الثانية، وظيفة ربحية وتهدف إلى بيع النسخة الرقمية من الكتاب الورقي الذي يصعب إيصاله إلى مناطق بعينها على الكوكب الأرضي. وقد قامت لهدا الغرض مكتبات إلكترونية متخصصة في بيع الكتاب الإلكتروني.
الوظيفة الثالثة، وظيفة إشهارية وتسويقية و تهدف للتعريف بصدور الكتاب ورقيا في أفق إيصاله إلى أبعد القراء بعد الحصول على وصل إيداع وحماية حقوق الملكية.
أما الوظيفة الرابعة والأخيرة، فأصبح معها الكتاب الإلكتروني احتياطيا مهما للكتاب الورقي عند تعرض هدا الأخير المنع كما حدث مع رواية دان براون الدائعة الصيت "شفرة دا فنشي" التي منعت النسخة الورقية عربيا ولكن النسخة الالكترونية عرفت تنزيل مليون نسخة من طرف قراء عرب تعتبرهم الإحصائيات عزوفين عن القراءة!...


سؤال: يحضر محمد سعيد الريحاني عبر مختلف الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية قاصا ومثقفا يساءل إشكالات القراءة وأزماتها ويكشف ملف التلاعب بمصائر رجال التعليم، ما هي تفاصيل هذا الملف؟

جواب: ملف التعليم كان دائما جرحا مفتوحا مند الاستقلال السياسي للمغرب ولا أدل على دلك من عدد الوزراء الدين تناوبوا على هدا القطاع لدرجة يفوق فيها عددهم نصف سنوات عمر استقلال البلاد. لكني تلمست الجرح بشكل مباشر ولأول مرة خلال مقاطعة امتحانات السنة الجامعية 1989 حيث صارت مشاهدة حلقيات هن وهناك في الشوارع العامة يسيرها مسئولون كبار في الإقليم يتحلق حولهم طلبة من الانتهازيين وضعاف الخلق ينصتون لمناشدة المسئولين لهم في الشارع أمام الملأ بإفشال المقاطعة مقابل وعود بالإيواء والإطعام في فنادق مصنفة خلال فترات الامتحان وبالنجاح في الامتحان بشقيه الكتابي والشفوي وبمجانية الاصطياف الصيفي في مخيم شاطئ مارتيل بتطوان شمال المغرب. وبالفعل "فشلت" المقاطعة و"نجح" الانتهازيون الدين خرجوا يسخرون من الراسبين ومن المطرودين. كما وفى المسئولون بوعدهم اتجاه "المُنَجََحِينَ" من الطلبة بتوفير إقامة صيفية مجانية على مخيم شاطئ مارتيل.
كان ذلك مع الطلبة، في البداية. لكن، بعد نجاح التجربة تم تكرار الفعل مع الموظفين ممن يقدمون في الحياة العامة ب"رجال التعليم"، وخاصة بعد ميلاد فلسفة "التناوب" سنة 1998 ليصادف بدلك نفس الفئة من الطلبة "المُنَجََحِينَ" سنة 1989 وقد صاروا "رجال تعليم" ينتظرون "التنجيح" مقابل أي خدمة، تماما كما فعلوا عام 1989.
فبعدما كان قطاع التعليم كبوابة لنفي الخريجين الجامعيين لمجاهل الجغرافيا وترويضهم خلال السنوات العشر المعروفة 1986-1995 (راجع بيان أكتوبر السنوي لعام 2007 )، صار التعليم اليوم مكتبا لتوزيع "لاكريمات" و"الترقيات" على الزبناء من أتباع الزوايا والأحزاب والنقابات "الصديقة" ويُخْشَى أن يكون الأمر في جوهره "إرادة مؤسسة" لتحويل رجال التعليم ومعهم كافة المواطنين إلى مجرد انتهازيين ووصوليين كي تسهل إدارتهم.
لقد كانت الزوبعة التي سميت "تكريم رجل التعليم المغربي" تارة و"تقوية الطبقة الوسطى" ثارة أخرى خير مرآة تعكس شكل تسيير القطاع التعليمي بالبلاد. فقد أزكمت روائح فضائح هده التخريجة عموم البلاد لدرجة لم تعد معها الترقية في المباريات في ظل حكومات "التناوب" غير "تنمية للشعور بالذنب" لدى المستفيدين منها من رجال التعليم الدين سيبقون شهودا على هده المرحلة،مرحلة انهيار القيم المهنية، وشركاء في المخطط. ولا أحد يعتقد بأن التعليم في حاجة إلى ترقية "يخجل منها" المستفيدون منها.
لقد بدأ هدا النضال الذي ألخص لكما الآن معالمه وأسبابه وآفاقه قبل خمس سنوات: قبل أن يديل تعليم المغرب من طرف تقرير البنك الدولي للتنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في آخر الترتيب الدولي، وقبل شطب تصنيف الجامعات العربية "كلها " من ضمن خمسمائة أفضل جامعة في العالم الذي جاءت جامعتا هارفارد وستانفورد الأمريكيتان على رأس التصنيف بينما جاءت جامعة يورك الكندية في ذيل الجامعات الخمسمائة في الترتيب العالمي، أما الجامعات العربية فخارج التاريخ...
بدأ هدا النضال مع "بيانات أكتوبر السنوية" (2004-2007) التي صارت تقليدا نقابيا سنويا في المغرب. وهو التقليد الذي لم يكن وراءه لا إرادة في التسلق ولا دافع وصولي ولا أي شيء. ما كان يحرك تلك البيانات التي دامت كل هده المدة الزمنية هو فقط إرادة التصحيح ووقف هدا الانهيار الأخلاقي والمهني والثقافي الذي بدأ ينحث مجراه في الجسد التعليمي قبل أن ينتبه له تقرير البنك الدولي للتنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لسنة 2007 الصادر في فبراير من هده السنة، 2008 فصنف المغرب في المراتب الأخيرة "عالميا"...
ومن بين "بيانات أكتوبر السنوية" وآثارها خلال الفترة (2004-2007) كان: تغيير نائب وزير التربية الوطنية بالإقليم الذي تصدر منه بيانات أكتوبر السنوية وتغيير وزير التعليم بعد حكم دام 10 سنوات وإلحاق وزارة التعليم بوزارات السيادة ، ثم التحقيق الفضيحة الذي لم يفسح له مجال النشر إعلاميا لقراءته وتداوله ومناقشته حول حقيقة المناصب "الستمائة" من أصل "الألفي منصب المتبارى عليها" من قبل رجال التعليم مند إقامة المباريات حتى اليوم: فقد كان رجال التعليم مجرد مغفلين يتبارون على "مناصب غير موجودة"، ويحررون إجابات على "أوراق امتحان لن تصحح"، ويحسبون معادلات غير ممكنة... ومع دلك، تراهم يصدقون النتائج عند إعلانها ويعودون السنة المقبلة لتكرار التجربة في تمثيلية سيزيفية لا يفسرها سوى تصنيف البنك الدولي للتعليم المغربي عالميا...
كقاص، حرصت دائما على تدوين مواقفي فنيا. لدلك، راكمت نصوصا قصصية لا يستهان بها تؤرخ لرؤاي ومواقفي. فبالإضافة إلى نصي القصصي القصير المعنون ب"كاتب"، يبقى نص "الحياة بالأقدمية" من أقرب النصوص إلي. فالنص الأول "كاتب" يبقى سيرة ذاتية أدبية مثخمة بالجراح بينما يطل النص الثاني "الحياة بالأقدمية" كنص يوظف السخرية بكافة أسلحتها للانتقام للنص الأول. وفي هدا الإطار نقرأ:

"منذ دخلت المدرسة في سن السابعة من العمر وأنا أدرس في كل فصل ثلاث سنوات أعاشر خلالها ثلاثة أجيال. وقد وسعت بهذه السياسة دائرة معارفي لتشمل كل أحياء المدينة. فقد صار لي أصدقاء في كل مكان كما صار لي أصدقاء من كل الأعمار. ولما وصلت قسم الشهادة الابتدائية بعد رحلة الشتاء والصيف التي دامت خمسة عشر عاما، كان لي أصدقاء في القسم الذي أدرس فيه وآخرون في الثانوية وغيرهم في الجامعة أو في مراكز تكوين المعلمين بعضهم اختار العمل معلما رسميا في مدرستي ويتعامل معي كصديق طفولة يتحسر عليها وأنا لازلت أعيشها..."
(مقدمة نص "الحياة بالأقدمية" عن المجموعة القصصية "موسم الهجرة على أي مكان" الصادرة سنة 2006، الصفحة 49)

نص "الحياة بالأقدمية" كتب في الأصل "باروديا" Parody للنخب الجديدة في البلاد التي أطلق عليها في النص "جمعية قدماء كسالى الثانوية الوحيدة بالمدينة". وهده "النخب الجديدة" التي استغلت عزوف المواطنين عن الانخراط الحزبي والنقابي فاندست كالسم في الأجهزة الحزبية والنقابية والجمعوية وبدأت تفرض نمط سلوكها البدوي وأساليب تفكيرها العائد لعصور ما قبل التاريخ وأصبحت توزع التزكيات والتهديدات... مع أنها ليست سوى "جمعية لقدماء كسالى الثانوية الوحيدة بالمدينة".
وسرعان ما جاء دوري لأتعرض لتهديد حمله لي أحد "الأساتذة الأفاضل" زملاء العمل بتاريخ 13 أكتوبر 2004 وهو التهديد الذي يحمل توقيع "مسؤول نقابي محلي" كان ولا يزال يخلط بين مسؤولياته النقابية ومسؤولياته المافيوية.
ولي قصص كثيرة مع مثل هؤلاء ممن كان الرومان يسمونهم "هَمَجاً" Les Barbares. فمند دخولي تجربة الكتابة سنة 2001 بالشكل "الحر" ، "غير المنبطح" الذي لم يرق للكثيرين ، بدأ الاعتداء علي بعدة أشكال: أولها الإشاعة ؛ ثانيا بالمضايقة في الترقية المهنية مند 2003 حتى اليوم؛ ثالثا بالاعتداء علي لأول مرة في حياتي في الشارع الرئيسي لمدينتي وتحت الأضواء الساطعة من طرف كائنات مقنعة ومسلحة في شتنبر 2004 ؛ ورابعا بإرسال أحد عرابي فرع محلي لإحدى النقابات بمدينتي تهديدا بالاعتداء علينا جسديا؛ وأخيرا بالاعتداء علينا "رمزيا" بكتابة مقالات رديئة في مواضيع رديئة وبأسلوب رديء ومستوى رديء هدفه الحط من حضوري الثقافي لكن توقيع المقالات يكون باسمي الكامل كما يدل على دلك نص الرسالة الموجهة بتاريخ 16 مارس 2008 إلى رئيس تحرير الجريدة التي نشرت سلسلة المقالات الموقعة باسمي على مدى ثلاث سنوات...



سؤال: هل آن أوان الهجرة نحو الرواية؟

جواب: أنا لا أعتبر الكتابة في مجال القصة القصيرة مجرد عتبة لتجريب الكتابة السردية أو مجرد مرحلة تسخينية لدخول تجربة الرواية. بالنسبة لي، الهجرة بمعنى "الحريك" نحو الرواية أمر غير وارد حاليا، فأنا مرتاح جدا في بيت القصة القصيرة. أما المراوحة بين الكتابة القصصية وتجريب المغامرة الروائية، فأتمنى أن تشاركني بمعية قرائكم سعادتي بقرب حسمي في موضوع نشر أولى رواياتي "قيس وجولييت"، إن باللغة العربية أو باللغة الإنجليزية أو هما معا.

من يكـــــــــــــون ؟ : شعر :

من يكون ؟
هذا الحب الفوضوي ،
هذا الجاهلُ بحقيقةِ الأمرِ ....
ولا يعرفُ ما يجري
ولا يعرفُ الأسرارَ والظنونْ ؟
من يكون ؟
هذا الأحمقُ المجنونْ ؟
فقد أوصلني إلى نهايةٍ ذميمةٍ
وإلى الجنونْ ؟؟
من يكون هذا المنافسُ لي في كل الأمورْ ؟
هذا المعقدُ في الحياةِ
هذا الجنينُ في أرحامِ الدهورْ ؟
أنا لا أستفسرُ حولهُ
وعنْ أسرارهِ
ولا عن صمودهِ كل هذي العصورْ .
ولا أنفقُ وقتي في سؤالهِ عن نفسهِ
وعن أصحابهِ
وعن قومهِ
وعن بنائهِ للجسورْ .
بين الناسِ في مملكةِ واحدةٍ
بين الزهورِ ... والورودِ ... والعطورْ .
وبين النساءِ ... والفتياتِ ... والبخورْ .
لا أدري ما الذي يريده مني ؟
فما عهدتُ الحب هكذا يكونْ ؟
بل عهدتهُ شجاعاً
يحمي ويصونْ .
وتحيطُ به العاشقاتُ من كل مكانْ .
وعهدتهُ مناضلاً
يحاربُ بالأهدابِ والعيونْ ..... !!
أمولاي !لا تفكرْ بعد موتك فينا ...
وبعد ذهابك عنا ...
فنحنٌ في أمانْ .
ليس غريباً علينا في هذا الزمانْ .
وليستْ أيامنا تعيد الذي كانْ .
من حروبٍ ،من استعمارٍ ،
نحن نقبع في قفصِ كأسدٍ يحبذ الانتحارْ .
أمولاي
!أحقاً تسأل عنا يا ترى ؟
أمْ قد اشتقتَ إلى الدنيا
وتعبتَ من الانتظارِ
في سجنكَوأردتَ التسلل إلى الدنيا
لقد تغيرتْ أحوالنا كثيراَ
وتبدلتْ أسماؤنا
وقصدنا الحج صغيراً وكبيراَ
وحكمنا علينا الخيولَ والبعيراَ
ووزرنا البغالَ والحميراَ
بعد موتكَ لم يعدْ شيءٌ يخيفنا
فاشكرْ المولى كثيراَ .
أمولاي !
لقدْ رفعتَ سيفَ القهرْ .
عنا وعن أطفالنا وعن نسائنا
ونحن بعد موتكَ أتممنا هذا الأمرْ .
نزوركَ كل يومِ جمعةٍ مرتينِ بعد صلاةِ الظهرْ .
وبعد صلاة العصرْ .
نبكي عليك في ونلعنُ القبرْ .
لا يوجد في الدنيا عدو لناكهذا القبرْ .
أمولاي !
كتاباتك عقدتي
وحياتك قدوتي
وأشعاركَ الماجنةُ اتخذتها زوجتي
فهل خنتكَ يا مولايَ في سيرتي ؟
لا تسألْ عنا كثيراً ... مولايَ ...
بعد موتكَ أصبحنا بدون وطنْ .
بدون قرآنٍ بدون سننْ .
تخلينا عن أشعارنا وعن ديننا
وعبدنا وثنْ .
وقبلنا وثنْ ..... !!
إن التحذير الذي أطلقته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( الالكسو ) من خطورة ظاهرة الأمية في العالم العربي والتي لاتزال مرتفعة وتؤدي إلى حدوث العديد من الاختلالاتفي المنظومة الاقتصادية والتعليمية والثقافية والسياسية العربية ، وقد تؤدي أيضا إلى التراجع في مستوى التنمية البشرية على الصعيد العالمي وبالتالي تقدم بلدان أخرى كانت إلى حدود الأمس القريب بلدانا فقيرة ومتخلفة وأصبحت اليوم تنافس العالم العربي على مراتب التنمية البشرية على مستوى أغلب المجالات التي تدخل في هذا الترتيب العالمي .إن الأمية التي يتخبط فيها العالم العربي لهي مشهد مفزع وواقع مفجع ، تسببت في حدوثه الكثير من العوامل السياسية والثقافية والاقتصادية والتي زادت من حدة الفقر والجهل والتخلف . ولذلك فإن العالم العربي يعيش اليوم حالة عدم توازن يفقده القدرة على بلورة استراتيجية سياسية وتعليمية واقتصادية لبناء الذات العربية وخلق مجتمع عربي واع ومتعلم ومساير للتطورات العالمية التي تشق الطريق نحو القضاء على كل أساليب التخلف والأمية .ويؤكد الباحثون في مجال التربية والتعليم أن سبب ارتفاع الأمية هو تلك الاستراتيجية السياسية المحبطة لخلق تعليم عربي هادف وخلاق ومتقدم يساير متغيرات العصر ومستجداته وكذلك ضعف تغطية المناطق النائية بالمدارس وفاعلين وتربويين ووجود الخلل الواضح في القضاء على كل السلبيات الموجودة بالمنظومات التعليمية العربية من المحيط إلى الخليج إضافة إلى وجود نزعة جديدة لدى الأنظمة الحاكمة للتملص من الخدمة التعليمية وتركها بيد الخواص والتجار ليفعلوا فيها ما يريدون ويمارسوا شذوذهم الثقافي والاقتصادي كيفما أرادوا وبالطريقة المثلى التي ترجع عليهم بالأرباح الطائلة التي يجنونها من ورائها .لقد أظهرت دراسة الالكسو أن عدد الأميين بالعالم العربي بلغ قرابة 100 مليون نسمة تمثل تقريبا ثلث عدد سكانه ، وهذه النسبة تعتبر أخطر على كل الصعد بحيث لا يمكن أن نستسيغ وجود نسبة عظيمة من الأمية في القرن الواحد والعشرين قرن العلم والتكنولوجيا . هذه الدراسة تثير العديد من الأسئلة الجوهرية حول أهمية وجود حكومات عربية ووزارات مهتمة بالأمر التعليمي ، حيث تشير هذه الدراسة إلى أن 75 مليونا من الأميين العرب تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 45 عاما ، أي فئة الشباب التي من المفروض أن تكون هي الفئة المتعلمة والمتنورة ، خاصة وأنها الفئة التي تمثل النسبة الكبيرة من عدد السكان في العالم العربي .وعلى الرغم أن هذه الدراسة أشارت إلى وجود خلل في المنظومة التعليمية والتربوية العربية ، وفضحت بالملموس واقع التعليم العربي ، لكننا نرى صمتا مطبقا على وجوه المسؤولين عل القطاع التربوي والتعليمي ، بل نجدهم يشاركوننا هذا الخوف وهذا الفزع على منظومتنا التعليمية وكأنهم فقدوا أي قدرة على الفعل والبحث عن سياسة تعليمية بديلة تنقذ ماء وجهنا الذي لطخته الأمية العربية والتخلف العربي الواضح .لقد أثبتت هذه الدراسة وجود خلل تعليمي عام ، ووجود فشل رسمي جلي لا يستطيع تغطية عدم قدرته على خلق تعليم مثمر يساير سوق الشغل ومتطلبات العصر الذي نعيشه ، وبالتالي فرض علينا إرجاع بوصلة الزمان العربي إلى القرن التاسع عشر عوض القرن الواحد والعشرين . فليس من الحكمة ولا من الفطنة أن نعيش في زمان بثلث السكان يتصف بالأمية وبثلث آخر يتصف بالتقليدية حيث أنه لا يستطيع أن يستخدم وسائل العلم والتكنولوجيا الحالية من حواسيب وهواتف نقالة وأنترنيت .... وغيرها من وسائل التكنولوجيا التي حلت العديد من المشاكل .والواقع أن تأثير الأمية والتخلف قد يفوق تأثير باقي المشاكل الأخرى التي يعيشها العالم العربي ، فالقضاء على هذين المشكلين يكون هو السبيل للقضاء على باقي المشاكل العويصة الأخرى والتي جعلت العالم العربي في مراتب متأخرة في الترتيب العالمي على كافة الأصعدة . ولذلك فإيجاد خط عام مشترك بين كل البلدان العربية لبحث الخبرات والتجارب والاستماع إلى كل المبادرات في هذا الشأن قد يقود إلى خلق سياسة تعليمية جديدة قادرة على مسايرة التطور العالمي والكوني . وبغير هذا سيبقى على العامل العربي أن يندب حظه وحاله كلما انتهت شهور وأفلت أعوام دون تحقيق أي شيء من هذا .إن البحث عن مبادرات تعليمية وتربوية منشورة هنا وهناك وبأقلام مفكرين وباحثين تربويين عرب وغير عرب ومحاولة غربلتها وإيجاد أرضية صلبة لها لهو الكفيل بإخراج الأمة العربية من براثن الجهل والأمية والتخلف ، أما الاكتفاء بالتقليد الأعمى تقليدا مترسخا ومخططا له فهذا هو البداية نحو الضياع والنكوص والرجوع إلى أزمنة القرون الوسطى أزمنة التخلف الغربي . فالتقدم الأوربي بني على الثورة التعليمية والثقافية والدينية ثم الصناعية ، وبغير هذا لن نبرح مكاننا ....
العلاقة بين السياسة والقانون على المستوى المعرفي والتدبيري علاقة ضاربة في التاريخ الوطني لأي مجتمع وأي دولة . فبوسع المتتبع لهذه العلاقة أن يتلمس جذورها في البحث والتنقيب والنقد خاصة فيما يخص تلك العلاقة الرابطة بين المجالين من حيث تأطير الأولى للثاني والعكس صحيح . ولذلك كان استحضار القانون لتأطير السياسة مسألة ضرورية وهذا يرتبط ارتباطا وثيقا بمنع أي تجاوز يذكر يقود إلى رقي المجتمع في مدراج التقدم والحضارة .لقد عرفت الجريمة الانتخابية ظواهر تجاوز عديدة أدت بطريقة أو بأخرى إلى فشل بناء نظام انتخابي سليم وبالتالي بناء مجتمع سياسي معافى وغير مريض . ولذلك قد وجدنا الانتخابات والعملية السياسية عموما نالت الكثير من الاهتمام سواء في المغرب أو في بلدان أخرى ، الفرق الوحيد أن في المغرب قد عرفت اهتماما على الصعيد الدستوري والإداري خلافا على الصعيد الجنائي ، هذا الأمر دفع الأستاذ والباحث والمحامي يوسف وهابي إلى أن يساهم في رفع هذا الحيف عن المجال الجنائي بكتابه القيم الذي وسمه بعنوان " الجرائم الانتخابية في التشريع المغربي " ، والذي بعد قراءتنا له وجدناه قد أضاف الكثير إلى المكتبة القانونية المغربية التي تفتقر إلى مثل هذه المؤلفات المفيدة والقيمة .إن الجريمة الانتخابية كما عرفها فيصل عبد الله الكندري في كتابه " أحكام الجرائم الانتخابية " بأنها كل عمل أو امتناع يترتب عليه اعتداء على العمليات الانتخابية ويقرر القانون على ارتكابه عقابا " ( الجرائم الانتخابية في التشريع المغربي ص 6 ) . بل عرف البعض الجريمة الانتخابية بأنها جريمة سياسية تستهدف النيل من سلامة السير الطبيعي والسليم لعملية الانتخاب التي هي مصدر سلطة المنتخبين ( ناجي البكوش : مسألة الجرائم الانتخابية في تونس ص 51 ) . ونرى أن المؤلف خلص في النهاية إلى تعريف جامع للجريمة الانتخابية بحيث اعتبرها كل فعل إيجابي أو سلبي يعاقب عليه القانون ويرمي إلى الاعتداء على حق سياسي من خلال استهداف المس بحرية أو شرعية أو سلامة أو سرية أو نزاهة الاستفتاءات أو الانتخابات قبل أو أثناء أو بعد الاقتراع . ( الجرائم الانتخابية ... ص 6 ) .يكشف المؤلف عن عدم وجود تمييز واضح بين الجرائم العادية والجرائم السياسية ليجتهد الفقه في ابتداع فوارق للتمييز بينهما ، بل كانهناك تمييز بين المجرم العادي والمجرم السياسي وذلك بتمتيع هذا الأخير بوضع امتيازي استنادا إلى اعتبارات من بينها أن المجرم السياسي متجرد من نوازع الإجرام التي تقود النوع الآخر إلى الجريمة ويكون مدفوعا بهدف نبيل سام يتوخى من ورائه خدمة الصالح العام .ويستعرض الأستاذ يوسف وهابي لنا في مؤلفه أنواع الانتخابات ليستخلص في الأخير نطاق التجريم الانتخابي أين يبدأ واين ينتهي ؟ أين يظهر وأين يختفي وما هي المقاصد التشريعية الكامنة خلف منطق التجريم ومنطق عدم التجريم ؟ ليحصر هذه الأنواع في خمسة وهي :* الاستفتاء : ويعتبر أسمى أنواع الانتخابات لأنها تشمل الكل دون استثناء بما فيهم رجال المن والجيش .* الانتخابات البرلمانية لمجلس النواب والمستشارين : وتكون بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات بالنسبة لمجلس النواب ، وبانتخاب أعضاء مجلس المستشارين بالاقتراع غير المباشر .* الانتخابات الجماعية : وهي انتخابات الجماعات المحلية أي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية وتشمل انتخاب المستشارين الجهويين وأعضاء مجالس العمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية والمقاطعات .* انتخابات غرف الفلاحة والتجارة والصناعة والخدمات والصناعة التقليدية والصيد البحري .* الانتخابات المهنية : وتهم انتخابات القضاة والمحامين والمهندسين والأطباء والصيادلة ....ويبين لنا المؤلف كذلك أطراف الجريمة الانتخابية الذين يأتون بالجريمة الانتخابية وهم الناخب والمرشح وموظف الإدارة وعضو مكتب التصويت . هؤلاء الأطراف الذين يفترض فيهم الحفاظ على السير العام للانتخابات حتى تمر في جو سليم .1 _ القواعد الموضوعية والشكلية المتعلقة بالجرائم الانتخابية :يتحدث المؤلف عن أركان الجريمة الانتخابية التي يقوم عليها بنيان الجريمة العادية ، أي الركن الشرعي والقانوني ثم الركن المادي والركن المعنوي . حيث يتوقف الركن الشرعي القانوني على وجود نص تشريعي يجرم السلوك الانتخابي الإيجابي أو السلبي ويقرر عقوبة أو تدبيرا وقائيا عليه . ويجسد الركن المادي ميلاد الجريمة من الناحية القانونية ويعطيها وصفا معينا . إنه الركن الذي تعلن من خلاله الجريمة عن وجودها فتخرج من غياهب الدواخل والتصورات إلى العالم الخارجي .وأما الركن المعنوي فيكون مشتركا بين الجرائم بكافة أصنافها سواء كانت جنايات أو جنحا أو مخالفات . إذ أن هذه الجرائم لا تقوم لها قائمة من الناحية القانونية إلا إذا توفرت لمرتكبها الإرادة لخرق القانون الجنائي . وفي هذا الركن بالذات لا يوجد فرق في ضرورة توفرالركن المعنوي بين الجرائم العمدية والجرائم غير العمدية لأن كل هذه الجرائم لا ترتكب إلا بإرادة ما .وبعد تمكن المؤلف من فحص الجريمة الانتخابية والحديث عنها بإسهاب تنقل إلى الحديث عن عقوباتها التي تختلف حسب جنس هذه الجريمة ومستوى تصنيفها حيث يبقى نظام العقوبات نظاما متميزا بتنوعه وتفرده ببعض القواعد الخاصة تبعا للمطالب الثلاثة التالية والتي حددها في :* العقوبات الأصلية : كالإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المحدد أو الإقامة الإجبارية أو التجريد من الحقوق الوطنية أو الحبس أو الغرامة .* العقوبات الإضافية : وهي العقوبات التي يحكم بها القاضي إلى جانب العقوبات الأصلية . * ظروف التشديد وظروف التخفيف ووقف التنفيذ في الجرائم الانتخابية إلى جانب خضوعها للقواعد العامة المشتركة بين جميع الجرائم الأخرى ....2 _ قواعد المسطرة والإجراءات الجنائية :لقد تعددت هذه القواعد المسطرية والإجراءات الجنائية المتعلقة بالجريمة الانتخابية ، ولم يفت الأستاذ وهابي أن يسلط عليها الضوء بطريقة الباحث المتمحص والناقد الباني والمضيف والمغني للمعرفة والمعلومة القانونية . ومن بين هذه القواعد تحدث المؤلف عن كل المراحل التي تهم الجريمة الانتخابية انطلاقا مما يقع قبل المحاكمة حيث يتم التثبت من وقوع الجريمة الانتخابية وذلك بالتقاط المكالمات الهاتفية كما حصل خلال إعادة انتخاب الثلث المتبقي من مجلس المستشارين في 9 شتنبر 2006 الماضي والتي عرفت محاكمات عديدة لكل من تورط في خرق القانون الانتخابي . وقد يكون التثبت أيضا من خلال حالة التلبس في الجريمة أثناء حصولها ، أو الضبط الذي يكون من اختصاص رئيس مكتب التصويت يوم الاقتراع .وبعد التثبت من وقوع الجريمة تأتي مرحلة المتابعة التي يجب أن تحترم ضوابط وقواعد منها القيد العام تبعا لطلب من جهة رسمية أو عمومية ، أو القيد الشخصي تبعا لإذن من المجلس الذي ينتمي إليه البرلماني ، أو القيد الخاص ويتم بعدم جواز إثارة المتابعة قبل إعلان نتائج الاقتراع ، أو تحريك المتابعة من طرف المشتكي عن طريق الشكاية المباشرة .ولمحاكم ةلامجرم الانتخابي يجب استحضار الشروط التالية وهي :_ المطالبة بالحق المدني في الجرائم الانتخابية ._ الاستقلال النسبي بين القضاء الجنائي والقضاء الانتخابي في مجال الجرائم الانتخابية ._ تقادم الدعوى العمومية والدعوى المدنية في الجرائم الانتخابية .3 _ دراسة مقارنة :يكشف الكتاب في دراسته المقارنة لمختلف الجرائم الانتخابية في التشريع المغربي من خلال الجرائم المرتكبة قبل الاقتراع كالتقييد غير المشروع في اللائحة الانتخابية من تقييد انتحالي أو انتحال الاسم أو الصفة أو التقييد التدليسي أو باستعمال شهادات مزورة أو تصريحات مدلسة ، وكالتقييد المتعدد والشطب غير المشروع من لائحة انتخابية ...ويمكن أن تكون الجرائم الانتخابية أيضا من خلال جرائم الترشيح الانتخابي كالدعاية لمرشح غير مسجل طبقا للقانون أو إساءة المرشح استعمال المساحة المخصصة للإعلانات الانتخابية ومن خلال جرائم الجملة الانتخابية كجرائم الاجتماعات الانتخابية وجرائم الدعاية الانتخابية تحت عنوان العديد من الأشكال المتعددة لهاته الجرائم الخطيرة التي تحد من السير العام لجو الانتخابات في المغرب .هذه الدراسة المقارنة كانت من خلال استحضار العديد من الأنظمة الانتخابية الجنائية الغربية كفرنسا وإسبانيا وإنجلترا ، والعربية كالجزائر وتونس ومصر والأردن والكويت ، هذه الأنظمة الانتخابية الجنائية التي حاول المؤلف الأستاذ يوسف وهابي أن يستحضرها ويقارنها مع الأنظمة الانتخابية الجنائية المغربية والتي يعتبر الأستاذ وهابي من بين المتضلعين فيها والعارفين بها بحكم ترؤسه للجمعية المغربية للنقد القانوني وتخصصه في النقد القانوني .من خلال هذا المؤلف الكبير حاولنا أن نقدم بعض المواضيع المهمة في الكتاب رغم عدم توغلنا في محتوياته كاملة بحكم عدم تخصصنا في المجال القانوني ، ولكننا ارتأينا أن نقدم الكتاب المفيد والقيم إلى القراء تقديما بسيطا علنا نقود القاريء إلى اقتناء الكتاب والاهتمام به واكتساب معرفة قانونية تفيده في الحياة وفي مستقبله السياسي إن كان من أهل السياسة .كاتب وشاعر من المغرب elarbaouiaziz@yahoo.frhttp://arbawi.maktoobblog.com

موت القراءة في زمن الكتاب : مقال :

يعتبر الكتاب أول مقياس يقاس به عقل الإنسان وتطور معرفته عبر الزمان ، بل يتعدى ذلك إلى اعتباره الصديق الوفي في الشدائد والمصاعب اليومية ، يقتل الملل والتعب اللذين يلحقان بالإنسان جراء الروتين اليومي من عمله المتواصل . وهو بكثرته وتنوعه يعرف مدى تطور أمة من الأمم وتقدمها الفكري والثقافي وإنتاج العقول النيرة والنابغة لتدبير شؤونها المختلفة وتمثيلها أحسن تمثيل في المحافل الدولية . فهل حقا نولي أهمية متميزة للكتاب عندنا ؟ وهل أصبح الكتاب حقا ذلك الصديق الذي لا يمكننا أن نتخلى عنه أو يتخلى عنا مهما حصل ؟ وماذا يمكننا أن نفعل تجاه ضعف القراءة ومصاحبة الكتاب عند شبابنا وكل مكونات مجتمعنا بصفة عامة ؟.وها نحن نلاحظ بأم أعيننا أن الأمية مازالت مستشرية بيننا بنسبة كبيرة ، حتى كادت تغمر نخبنا هي الأخرى ، ونرى الأمم الأخرى تجتهد في الدفع لمحو ضعف القراءة والأمية الثقافية بين أفراد مجتمعاتها ، حتى صارت تتبنى خطوات جبارة في الإنتاج الثقافي والفكري تارة ، وتارة أخرى في توزيع الكتب بالمجان على فئات المجتمع كلها ، فأين نحن من هذا كله ؟ وأيننحن من المبادرة التي أطلقتها الحكومة المصرية في توزيع قواميس لبعض اللغات على المواطنين مجانا ؟ أمازلنا مكتوفي الأيدي أمام مبادرات بسيطة غير مكلفة كهذه ؟ وماذا تفعل المؤسسات الحكومية عندنا والأمية تنتشر بجلاء بين مكونات مجتمعنا ؟ وماذا فعل قطاع التعليم والتربية عندنا ، والإصلاح قد سلخ سنوات من عمره دون أن يخطو ولو خطوات قليلة في هذا الإطار ؟ .فالكتاب هو سيرورة الحياة ، هو انتصار الأمة على متاعبها ومشاكلها العالقة ، هو خلق الطاقات الإبداعية المختلفة الأفكار والمشارب ، هو السلام المهيمن على الجميع ، هو عنوان الحب والسلم والبقاء ، هو معرفة الطريق الصائب لرسم سياسات طموحة واكتشاف حقائق بناء المستقبل على أرض صلبة يانعة . فأين نحن من كل هذا ؟ وماذا فعلنا لكي نجعل الكتاب عندنا هو عنوان هذه الطمزحات ؟.فما هو الكتاب إن لم يكن قادرا على تغيير مسار الظلمة التي نسير فيها ؟ وما هو الكتاب إن لم ينقذ الجاهلين من جهلهم والمتطرفين من تطرفهم وظلمهم ، وإن لم يبق على حياة شباب ضيعوا حياتهم وأرواحهم وراء السراب وهم يلقون بأجسادهم في الجحيم ؟ والعيب لا يقع على الكتاب هكذا دون وجود يد خفية ترسم له طريق الإغراء والبطش ، فالعيب كله يقع على بعضنا المتكاسل في القيام بمسؤوليته التي وضعت على عاتقه . فالدور الثقافية المتنوعة إما غارقة في العطالة ، وإما توقفت أوراش البناء فيها ، وإما أصبحت ملاذا للمتسكعين والمتشردين يقضون فيها مآربهم ...لقد صار عنوان الثقافة عندنا ملاذا للتبول وممارسة الشعوذة والفساد ، ولعل أكبر مثال على ذلك ما يقع ببعض جور الثقافة ببعض المدن المغربية . فبعد الاعتداءات على المدارس ومكوناتها ، أصبح التحرش على دور الثقافة يأخذ طابعا جديدا كما وضحنا سالفا ، فماذا وضع المسؤولون ضمن نظرتهم لتجاوز هذا الوضع المتردي المستمر ؟.إنني عندما أطيل النظر في بناية ثقافية ، سواء كانت مسرحا أو مكتبة أو دارا للثقافة ، وأرى الموت ينتشر فيها ، ويمد الظلام أجنحته السوداء على جدرانها ، تدور بي الدنيا فيحصل لي كما يحصل لكل إنسان له غيرة على العلم والثقافة ، وها نحن نرى الأمم الكثيرة تجتهد في نشر ثقافتها ولغاتها بكل الوسائل المتاحة ، حتى تتمكن من فرض ذاتها داخل القرية الكونية التي أصبحت أسيرة العولمة المتوحشة بين عشية وضحاها . فأين وصلت ثقافتنا في عالميتها ؟ وماذا حضرنا من الوسائل والظروف لنتبوأ مثل هذه المكانة الرفيعة بين باقي الأمم ؟ .وإذا تتبعنا الحركة الأدبية والفكرية بالمغرب مثلا ، سنجد أنها بخير والحمد لله ، لكنها لا ترقى إلى مستوى الطلب للقراءة ، بمعنى أنها لاتصل إلى يد القاريء بالكيفية التي يجب أن تصل إليه ، وذلك راجع لسببين هما : تماطل دور النشر والتوزيع في تسويق الكتاب بكيفية كبيرة تصل إلى كل قاريء حتى ولو كان في الأدغال إو أعالي الجبال ، والسبب الثاني هو ضعف القراءة لدى المجتمع المغربي بكل شرائحه وعدم قابليته على إدمان الكتاب ومصادقته في كل زمكان . ولعل هذين السببين كافيين لنقول أن الكتاب أصبح يتيما داخل مجتمعنا وحقيرا ومحقورا أمام متطلبات الحياة الأخرى الضرورية والثانوية والمتجاوزة ، فأصبح الفرد منا ينفق أموالا طائلة في البارات والمقاهي والليالي الملاح ولا يستطيع بالمقابل أن يخصص جزءا ولو يسيرا من أمواله في شراء كتاب أو أكثر ينفعه في حياته وينير له طريق الرشد والهداية . إن هناك سنوات تمر بلا حساب ، وطاقات تهدر ، ومستقبلا يضعف ويعرض للنهب والضياع دون أن نضع اليد على الجرح الغائر الذي نعانيه ويعانيه تفكيرنا الخالد للراحة . بالطبع ، هناك آفاق مفتوحة لبعض النخب للقراءة ومتابعة جديد الإصدالاات ومراقبة الإنتاج الفكري والأدبي الوطني والعالمي . لكنها تبقى محدودة ومحصورة في فئة مجتمعية موسرة لها جميع الإمكانيات لتحقيق التفوق النوعي على باقي مكونات المجتمع الأخرى الطاعنة في الفقر والجوع والجهل والعطالة الفكرية ...

في حاجة إلى كاتب مقتدر :

إن الكاتب المثقف ليس مجرد كائن ينحصر في شخصيته وذاتيته ، وإنما يتعدى هذه الذاتية بحيث يجمع بين ذاكرته الخاصة التي يحتويها وتحتويه وذاكرة جمعية تكون في ظلها في كل الأزمنة والأمكنة فصار في الأخير كائنا حيويا يلتقط الأبعاد المختلفة ويتمكن من ترتيبها وتنميقها على شاكلته.فالكاتب ينهل من ثقافة المجتمع ومكوناته ، ترابه ومائه ، هوائه وبحاره ، تراثه وإرثه المحفوظ عبر الأزمنة المختلفة ، فيعتبر المكان والزمان مؤشران حاضران بقوة في تكوين شخصية الكاتب بحيث يؤثران في إبداعاته وثقافته..أعتقد أننا في حاجة إلى كاتب أكثر جرأة من أي وقت مضى يكاد يخترق المكانة التي وصل إليها الكاتب في الغرب أو على الأقل يقاربه ، فالاقتراب من الجيد هو جيد طبعا ولو عن بعد يسمح بسبر ثقافات الآخرين والتنقيب عن ثقافتنا الغارقة في وحل الخرافة والتخلف . ولا يمكن أن يتحقق تقدم في هذا المجال مادام كاتبنا يمر على المواضيع الحساسة وصعبة المراس مرور الكرام خوفا من عدم القدرة على فهمها وتفسيرها وإما خوفا من الويلات والمشاكل المترتبة عليها.ميزة الخوف من الحقيقة أكسبت كاتبنا تحمل الضعف وقلة الحيلة ، وصفة الكاتب من الدرجة الثانية أو الثالثة أو أقل من ذلك . ولصغر قيمة الكاتب عندنا مع حساسيته المفرطة في مقاربة القضايا الإنسانية بكل أبعادها ، وفطرته الثقافية التي جبل عليها منذ ولادته فلا زال لا يستطيع أن يقترب من المواضيع الثقافية الأكثر جرأة ليدلي بدلوه فيها فترك الساحة فارغة لفقهاء الفتاوي الدموية ليجتهدوا كما أرادوا وكيفما خولت لهم أنفسهم واتفقت مع أهوائهم...فقد اهتمت أقطار غربية بكتابها ومثقفيها ومفكريها وحتى رجال دينها ، بقضايا كانت حكرا على السلطة الدينية في زمن من الأزمان ، وتمكنت من تصحيح المسار الفكري الذي كان سائدا ، ليس انقلابا مجانيا ، وإنما تصحيحا لوضع غير صحي سياسيا واقتصاديا وثقافيا . أما نحن العرب فانشغلنا بتعيير بعضنا البعض ، واتهام أبناء عمومتنا بالخروج عن الدين والملة ، فاقتتلنا فيما بيننا وتسابقنا في الرثاء والمدح والذم بأشعار ماجنة وشعوبية ، وشربنا النفط حتى الثمالة فكان وبالا علينا وعلى عقولنا التي ما عادت تفكر وتكتب بشكل جميل والمدح والذم بأشعار ماجنة وشعوبية . وبالنظر لكتابات مفكرينا وكتابنا نذهب إلى القول بأن البعض قد تخطى مرحلة الطفولة في الكتابة وانتقل إلى المرحلة الثانية التي تعتبر أكثر نضجا ، فقارب قضايا حساسة ثقافيا ودينيا من مثل : الفتاوى ، والإرهاب ، وزيارة الأضرحة ، ومظاهر التخلف في العادات والتقاليد ، وسلوكات مشينة أخرى ، والمرأة ، ...إلخ . بينما ظل العدد الأكبر من هذه الأقلام تتراوح في مكانها لا تضفي جديدا في الساحة الفكرية والثقافية ، وإنما أصبحت تدور في حلقات مفرغة.نحن الآن ، وأكثر من أي وقت مضى ، بكينا فيه حتى العويل ، في حاجة إلى كاتب مقتدر يفوق "محمد عبده" و"زكي مبارك" و "خير الدين التونسي" و"الكواكبي" ، ويفوز على إبداعات "طه حسين" و"العقاد" و"المنفلوطي" ...نحن الآن في حاجة إلى كاتب يفتح الفضاء الثقافي للكتابة التي لا تعترف بالحدود ولا بالسلطة ولا بالطابوهات ما عدا الخروج عن القيم والمباديء التي تحكمنا . هذا الفضاء الذي نتمناه تلتقي فيه المتغايرات والمتناقضات والأضداد وتعيش كلها في سلام وود ، ويكون صلة وصل بين حضارتنا العظيمة التي مازلنا لا نعلم عنها الكثير وبين حضارة الآخرين التي تلتقي معنا في المباديء والقيم الإنسلنية العالمية . فهل هذا صعب على كاتب ومفكر جريء ؟.لربما بدت هذه الصورة التي أرسمها للكاتب المرتقب تجنح إلى المثالية والأفلاطونية خاصة بمعيار واقع الكتابة والثقافة العربية . لكنني لا أستبعد هذه الصورة التي سيأتي يوم ما لتظهر في الساحة الثقافية العربية ، بحكم عوامل كثيرة أصبحت مواتية لخروج كاتب مقتدر وجريء من بين ظهرانينا ، فنحن لا نقل قيمة عن الآخرين..

عندما يصبح بعض مثقفينا أبواقا للظلم :

في العالم العربي تنتشر الثقافة النفعية على نطاق واسع بين حامليها ، وتنتشر هذه الثقافة وفق تصورات واستراتيجيات تختلف من حين إلى آخر ، فنجد في النهاية شبكة علائقية تحكم طرفي هذه العلاقة . وتكون هذه الأخيرة بمثابة المفتاح السحري الذي يدخل به بعض المثقفين النفعيين عالم النجومية والشهرة والعالمية وفق مسار محدد مسبقا باتفاق سري غير معلن بين المثقف والطرف الثاني المتمثا إما في شخصية كبيرة ذات أهمية مجتمعية ، وإما في نظر المتتبعين والمهتمين بها . وهذه الظاهرة العلائقية أضحت من أولويات المثقفين الضعفاء الذين لا يستطيعون فرض ذاتهم وإبداعهم وفكرهم وفق مسار تسلسلي ومرحلي (من المرحلة طبعا) كما هو متعارف عليه ثقافيا وإبداعيا ، ولكن هدف الشهرة السريع وتحقيق الذات في أقل وقت ممكن يدفع بعض المثقفين في عالمنا العربي إلى ركوب موجة النفعية وعقد اتفاق سري مع بعض الشخصيات والمؤسسات يهدف من ورائه تحقيق توازن بين طرفي العلاقة . حيث يكون على المثقف أن يعمل جاهدا بقلمه ولسانه على تحسين صورة الطرف المتعاقد معه والبحث عن محاسنه وإظهارها للقارئ والمتلقي والابتعاد عن مساوئه من جهة أخرى ومحاولة استبعادها في تعاطيه مع الطرف الآخر في فكره وإبداعه .وتبقى هذه الظاهرة القديمة الجديدة في آن واحد ، القديمة من جهة أن العلاقة التي كانت شائعة في الماضي وعرفت انتشارا واسعا في العهد العباسي ، حيث كان الشاعر والكاتب والعالم يتقرب من الحاكم وحاشيته وعائلته بالمدح طمعا في كرمهم الذي لا يوصف ، وفي احتضانهم يغدق عليه حياة هنيئة وسلاما واسما محترما وكرامة وأمنا ...وبنظرة متمعنة في تراثنا الثقافي والإبداعي سنتيقن جيدا أن الظاهرة كانت في أوج انتشارها وتوسعها بين جمهور المثقفين والمبدعين والعلماء ، بحيث ينقل لنا التاريخ بأن أغلب الشعراء والعلماء كانوا ينتجون فكرهم وإبداعهم في مجالس الحكام والخلفاء وهم على موائد الطعام الفاخر ، وفي أزهى الأزياء والملابس الأميرية ...وإذا حاولنا إسقاط الظاهرة على عصرنا الحالي نجد بعض المثقفين العرب اليوم ينهجون نفس النهج وينعمون بنفس الهدايا والهبات ونفس الصفات ، تارة بتجنيد أقلامهم على صفحات الجرائد والمجلات بمقالات منمقة تمدح فلانا وتعظم من -ان علان ، وتشيد بمآثر ومناقب شخص لم يقدم لمجتمعه سوى الهوان والذل والخيانة ، وتارة أخرى برهن لسانهم الحاد على شاشات القنوات المتواطئة معها أو مع الرجعية والتخلف ، فيكون الحديث عن إبداع المؤسسات والمنظمات ورؤيتها التقدمية للمجتمع والشعوب ، وعن تعاليم الديمقراطية والحرية بين الناس ...إلخ من المصطلحات التي صارت أفيون بعض الحكام والمسؤولين عندنا في عالمنا العربي دون أن يعرفوا حق المعرفة بأن تحقيق هذه الأمور على أرض الواقع يكون بالإرادة والتضحية العظيمة التي هم مطالبون بها قبل شعوبهم ، ولكن لا حياة لمن تنادي .وإذا حاولنا أن نقيس وضعنا مع وضع بعض الدول الغربية والمتقدمة فإننا سنجد هذه الظاهرة قد استفحلت بشكل تراتبي مما يؤذن بتوغلها داخل هذه المجتمعات . ولتوضيح هذه الرؤية فأكبر مثال على ذلك هو وجود مثقفين تحت سقف البيت الأبيض ينظرون لحكام أمريكا بصفة خاصة وللغرب بصفة عامة ، ويكتبون مقالات وكتبا متنوعة تبرر ديكتاتوريتهم على شعوب العالم واستعمارهم وقتلهم وذبحهم للشعوب المستضعفة ، وقد نأتي على ذكر "صامويل هنتجتون " صاحب صراع الحضارات و"فرنسيس فوكوياما " صاحب نظرية نهاية التاريخ ، و"برنارد لويس " اليهودي الذي يبرر قتل العرب والفلسطينيين بكل ما أوتي من علم ومعرفة ، و "فؤاد عجمي " العربي الذي ذاق طعام البيت الأبيض وتلذذ بنساء واشنطن فنسي أصله وحلمة أمه ...وهناك الكثير من المفكرين والشعراء الذين يحذون حذو هؤلاء الذين ذكرناهم ، ونهاية القول : " فإذا ظهر المعنى فلا فائدة في التكرار " .لكن ، هل ما يفعله مفكرو البيت الأبيض ، مدمرو العالم والإنسانية فكريا وإبداعيا ، سبب يجعلنا نتبع سنتهم ونغض الطرف عن القضايا والمشاكل المتراكمة التي يعيشها عالمنا العربي عامة ؟ وهل هذا كله سبب يجعلنا نقول شعرا ومدحا في شخصية أو مؤسسة ونسطر مميزاتها وننسى شعر النضال والبناء والتقدم ؟.ألا يمكننا من هنا ، أن نجزم أن هؤلاء المثقفين مجرد ببغاوات لا يعيدون على مسامعنا إلا ما قاله جرير والفرزدق والأخطل وغيرهم في خلفائهم ؟ ألا يمكننا أن نقول لهؤلاء بأن فكرهم وإبداعهم مجرد كلام ميت مثل ذلك الكلام الذي يعيده رجل على مسامع عاهرة التقى بها في حانة ؟ .إن الثقافة النفعية البراجماتية لا تجدي في عصر التحرر وحقوق الإنسان والنضال الشريف ، ولكن قد تعطل مسيرة التقدم قليلا بتبرير أخطاء مسؤولين وتجاوزاتهم ، وقد تبعد قطار الفكر والإبداع الحقيقيين عن سكته المستوية ، لذلك وجب فضح هذه السلوكات ووضعها في سلة المهملات ، وهذا الأمر متروك للإعلام والصحافة بصفة عامة ، فهي المنبر الذي منه تنتشر هذه الظاهرة وأملنا أن يستفيق هؤلاء الشبه مثقفين من غيهم وتواطئهم مع الظلم والتخلف . إن اتساع مجال حرية التعبير جعل من مثل هذه الظواهر تنتشر كالريح بين أشباه المثقفين والكتاب ، ولعل فتح منابر وملاحق خاصة بالآراء والمواقف جعلت أيضا بعض الكتاب المبتدئين ناقصي الخبرة والمعرفة ينشرون مقالات تمدح فلانا أو مؤسسة هدفا منه في الالتفات إليه واحتضانه ، وهذا لا يعني أننا نضرب في هذه الخطوة التي أقدم عليها إعلامنا المكتوب بخاصة ، ولكن الانتقائية والاختيار الصائب الذي يخدم المسيرة الثقافية والإعلامية ضرورة واجب أخذها بعين الاعتبار أثناء النشر والطبع .فالجيد يبقى مفعوله طويلا وتأثيره في المتلقي كبيرا مما يخدم المسيرة التقدمية التي نبغيها ...من يخلق مثل هذه الظواهر في المجتمعات العربية إذن ؟ هل هي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتدهورة ؟ أم أمور أخرى قد تكون أكثر إقناعا ؟ من المسؤول عن تجاوز هذه الحالات الشاذة التي أصبحت بمثابة إعاقة في طريق الإصلاح والتقدم ؟ إهي الدولة المتمثلة في مؤسساتها الثقافية ، أم هم المثقفون أنفسهم للظهور بمظهر أكثر جدية وعظمة ؟ هذه الأسئلة مجرد نقطة في بحر من التساؤلات التي تؤرق أكثرنا في عالم لم يبق لنا فيه سوى حيز صغير لنتحرك فيه وفق قوانين وضعها لنا الأقوياء ، ولم يبق فيه سوى أجسام بفطرتها العربية وبعقولها المتغربنة وبقلوبها التي تنزف ...

ثقافة المسؤولية السياسية :

ماذا لو ذاع الشرف والأمل في وسطنا ؟ وماذا لو ظهرت بوادر التضحية على محيا البعض منا وعلى سلوكاته وتصرفاته وأقواله فكانت النتيجة أعظم وأرقى ؟ وماذا لو صدر أخيرا ، وبكل أمانة معجم للشفافية والمصداقية في تبني المسؤولية والقيام بها ؟ ماذا لو ضحى كاتب أو شاعر بتأليف كتاب جديد يحوي بين سطوره كلمات البناءو التغيير ويحمل بين دفتيه عصارة الوعي بالمسؤولية ؟ ولماذا نتأخر في إجلاء غبار التخلف والسمسرة وبيع الذمم والخيانة عن أعيننا ، بل ونمنع الآخرين من فعل ذلك ؟ .لن نستطيع أن نضع القطار الجديد في سكته بنفس عقليات الماضي والتراث الغارق في الوحل والجاهلية والخوف . ولن نقدر أن نتحمل مسؤولية فئة أو جماعة انتخبنا لها ونحن نمارس المراوغة والنفاق والكذب على الذقون في زمن الفضح والوضوح ، ولن نتمكن في ظل اللصوصية المعلنة وغير المعلنة أن ننقذ البلاد من ةغرق محتمل ، بل صار وشيكا ونحن نتفرج من بعيد وكأن الأمر لا يعنينا . فهل من معيبر ؟ .يختلف أفراد مجتمع ما من حيث الحمولة الثقافية ، إن فكريا أو سياسيا أو اقتصاديا ويختلف الوضع المعيشي الذي يعيشه كل واحد منهم تبعا للموقع الذي يمثله داخل مجتمعه ، فهناك الفقير إلى حدود الموت ، وهناك المتوسط في الدخل ، وهناك في الأخير الغني الموسر الذي يستولي على كل أبواب الراحة والسعادة والعيش الرغيد والانتشاء والاستغلال والاستهلاك المنظم ... وللأسف فهذا الأخير يمثل نسبة قليلة داخل مجتمعنا ، مما يوضح بجلاء سوء توزيع الثروة بين أفراد المجتمع ، فتظهر الفجوة والهوة الساحقة بين الفئة الفقيرة والفئة الغنية ، بحكم أن الفئة المتوسطة التي أدرجناها لا تكاد تظهر داخل مجتمعنا العربي عموما والمغربي خصوصا ، ولذلك فالمحتمل هو وضعها في خندق الفئة الفقيرة بحكم الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها والتي لا تكاد تبعدها من موقع الفقر والعجز الاستهلاكي .الأمر الذي يسمح لنا بالقول أن التقسيم الطبقي لمجتمعنا المغربي من حيث الدخل هو تقسيم مجحف في حق فئة كبيرة من المجتمع المغربي . فنسبة 9 في المئة من المجتمع التي تعتبر من الفئات الغنية ذات الدخل الكبير مقابل فئة الفقراء كانت سببا واضحا للحئول دون تبني استراتيجية اقتصادية وإصلاحية للنهوض بأوضاع هذه الفئة ، وحتى إن لاحظنا بعض المبادرات الحكومية مؤخرا بالزيادة في أجور بعض العاملين بالقطاعات العمومية فإنها تبقى زيادات هزيلة لا تفي بالغرض بحكم أنها لا تكاد تصل إلى الحد الأدنى للأجور المفترضة في دولة مثل المغرب ذي الموارد الاقتصادية والفلاحية والسياحية الكبيرة . فالمقارنة بين دخل الفئتين المذكورتين مؤشر واضح على هذا الكلام . ولا يمكننا في هذا المقام إلا أن نقول بأن هناك خلل ما في توزيع الثروة ومواردها ، فهل من مصلح ؟.من هنا يظهر بوضوح أن فئة كبيرة من المجتمع تعيش حياة البؤس والاحتقار والفقر والتهميش فلا هي فاعلة سياسيا ، ولا هي مؤثرة ثقافيا ، ولا هي مدعمة اقتصاديا ، ولا هي مغيرة اجتماعيا ، فنجدها جد غائبة عن الساحة إما بالإغراق في الأشياء التافهة أو الأمور المخربة للعقل والمجتمع كالمخدرات ، وإما بالسكون والجمود المجتمعي الذي يبدو على أغلبها . فثقافة المسؤولية التي نريد الإشارة إليها في حديثنا هنا نجد تجسيدا لها يكاد يشبه اللعب على الحبال . فما أن يصعد أحد ما أو شخص من كلا الفئتين إل لى موقع المسؤولية حتى نشعر معه بالإهانة والتماطل ونسيان الآخر فيبدأ في خدمة مصالحه ومصالح المقربين منه ، سواء كان من الفئة الفقيرة أو من الفئة الموسرة والغنية .والواقع المجتمعي في بلادنا يعطينا شيئا من المصداقية لكلامنا هذا . فالغني عندما يحقق السلطة ويرشح على رأس المسؤولية فإنه ينسى الكل وينسى الناس الذين وضعوا فيه الثقة ليحمل عنهم معاناتهم ومشاكلهم الحياتية ، بينما العكس يحصل بحيث يظن أغلبية الناس أن الغني إذا وضع على رأس المسؤولية سيتعفف على المال العام بحكم غناه ، فهو لا يحتاج إليه ، لكنهم مخطئون إن ظنوا أن للثعلب دينا ، وأنه سيأتي يوم يتعفف على مالهم ويخدم مصالحهم ويلتفت إلى مشاكلهم ومعاناتهم . وبالمثل يقع للفقير والمحتاج إن تحقق المستحيل ووضع في المسؤولية فإنه ينسى فقره واحتياجه وينسى كل ما كان يتقاسمه مع أقرانه في الحياة ، فيبدأ في نخر لميزانيات بالمشاريع الوهمية ، واختلاس الأموال العامة بالطرق الثعلبية ظنا منه أنه ينتقم لنفسه من كل السنين التي عاشها في الحرمان والفقر والحاجة ...فهل نحن في حاجة إلى ثقافة المسؤولية فعلا ؟ وهل نحن مطالبون بتغيير العقليات والأفكار الهدامة التي نحملها قبل تحمل المسؤولية وبعد مغادرتها ؟ .لا أمل لمجتمع لا يلتفت إلى قضاياه ومشاكله ، ولا يهتم بظروفه الاجتماعية والاقتصادية ، فأغلب أفراد المجتمع المغربي قد ملوا الحياة السياسية وعافوا الخوض في قضاياها الوطنية وحتى مشاكلها الذاتية ، لذا نجد ثقافة الخمول والتكاسل والهروب إلى النغلاق والوهم هي السائدة ، بحكم أن الناس قد يئسوا من الشعارات التي يرفعها المسؤولون ويعلنونها في أحايين محددة ، كوقت الانتخابات مثلا . وما الواقع السياسي والاقتصادي والثقافي الذي نعيشه إلا أكبر شاهد على ما ندعي . وهكذا تموت روح المسؤولية وثقافة التعاطي مع قضايا وطنية وإقليمية ودولية لدى أغلب أفراد المجتمع . فتبقى الساحة فارغة من الفعل الثقافي والسياسي والاجتماعي إلا من شرذمة من الانتهازيين الذين باتوا يخططون إلى هكذا وضع لتخلو لهم الساحة لوضع أيديهم على مقدرات البلاد ومواردها . وما الادعاءات التي لا يتوانون عن التذكير بها في المنتديات واللقاءات المنعقدة هنا أو هناك على أن الشباب المغربي خاصة والعربي عامة ينخرط كليا في السياسة والثقافة وأن المجتمع العربي فاعل ومؤثر في كل المجالات وكأن هؤلاء ينظرون إلينا على أننا نعيش في كوكب غير كوكب الأرض وأننا منعزلون في جزيرة نائية بلا إعلام ولا أخبار ولا وقائع نراها ونعيشها يوميا ...يبقى أن نقول أن على المجنمع عامة فقراؤه وأغنياؤه - ونقصد هنا كل من فيه روح الإنسانية والوطنية والقومية - النهوض بأوضاعه ومحاولة استجلاء الحقيقة المغيبة عنه من طرف أولئك الذين لا يمتازون إلا بصفات الانتهازية والاستغلال البشع للأوضاع العامة من فقر وجهل وعدم إدراك للحقائق والحقوق ... وعلى المجتمع أن يعرف أن الادعاءات التي يظهرها كل من تقلد منصبا أو مسؤولية ، هذه الادعاءات التي نسمعها كل يوم ( الضغوطات الخارجية ، نخر الميزانية ، ضعف المردودية ، الكساد الاقتصادي ، تراجع الناتج الوطني ، عدم قدرة الميزانية على الالتزام بالمطالب المشروعة ، ارتفاع أسعار الواردات ، ازدياد المديونية وارتفاعها ....)زائفة ومردودة على قائليها بدليل أننا نرى ونسمع كل لحظة عن تعويضات لبعض المسؤولين ، وزيادة في أجور البعض الموظفين السامين ...إلخ ، فنحس كأننا نحن مجرد حشرات لا نستحق إلا الفتات وإن لزم الأمر فالدوس والقتل ...!!
يبدو أن ماهو ثقافي لا يرقى إلى طموحات كل مواطن مغربي على الصعيد الوطني فبالأحرى على الصعيد المحلي . فالثقافة المادية تستولي على عقول الناس جميعا ، سياسيين كانوا أم مثقفين ، متمدرسين أم غير متمدرسين لأن سيطرة المادة تفرض نفسها عموما أكثر مما تسيطر الثقافة والمعرفة .والخطاب الرائج في بلدنا يغلب عليه الفشل يساعد في تفشيه الكل دون استثناء ، فكان على الإعلام مثلا أن يكون رائدا ويقود قاطرة الثقافة ، خاصة وأن العديد من المثقفين في بلادنا يشتغلون في هذا المجال ، وخاصة الصحافة المكتوبة . لتكون الثقافة واسعة الانتشار تشمل الكل .والثقافة السائدة في المغرب تعرف تضادات ومواجهات مع نفسها بل بين حامليها كل حسب اتجاهاته الفكرية واقتناعاته المعرفية ، فنجد هناك : ثقافة التنوير تقابلها ثقافة التعتيم والظلامية ، وثقافة الإيديولوجية مقابل ثقافة التوافق والتبادل والحوار ، وثقافة الرجعية والتخلف مقابل ثقافة الحداثة والعصرنة والانفتاح على الآخر ... فهل في ظل هذه الحرب الأهلية على المستوى الثقافي - إن صح التعبير 6 نحن قادرون على الانطلاقة الفاعلة والتأثير في ثقافات الكون والتأثر الإيجابي بها ؟ وهل نحن قادرون على استرجاع أمجاد الحضارة العربية عامة والحضارة المغربية والأندلسية خاصة في ظل هذه التباعدات الفكرية التي نشهدها في حقلنا الثقافي المغربي ؟.ولكي لا نبتعد أكثر ، أو نخرج عن موضوعنا ، وبشيء من الوضوح والجدية ، فإن ثقافتنا - وبكل صراحة - سجينة العديد من الموانع والقواعد الرجعية المانعة لها من التحرر والخروج من نمطيتها وتقوقعها الذي جعلها حبيسة عقول متحجرة ومتخلفة ورفوف صدئة ومتهرئة ... بل أكثر من ذلك نجد ثقافتنا - كلما مرت الأيام والساعات - تبتعد عن حلبة العولمة التي بدأت تنخر عظامنا ونحن نتفرج دون فعل أي شيء ، لأننا كمثقفين قد وجدنا أنفسنا أمام تهميش وحصار لا حول ولا قول لنا عليه عكس ما جاء على لسان الكثير من كتابنا . فماذا يمكن لقصة قصيرة لأي كاتب مغربي مبتديء أن تفعل أمام ثقافة استنساخ البشر وعولمة الفضاء ؟ وماذا لقصيدة شعرية مغربية تصف وتقرأ واقعا قد استعمرته ثقافة الكوكاكولا والهمبورجر ؟ وهل هناك وجود في الساحة لمنابر إعلامية ثقافية تفي بالغرض وتقدر أن تواجه الجيوش الإعلامية المتطورة والعابرة لقارات التي ينتجها الغرب ؟ الجواب طبعا سيكون لا .يكفينا أن نتجلد بالصبر والتفاؤل بالمستقبل ، يكفينا أن نهلل بموت الثقافة والهوية والتاريخ ونملأ القراطيس بالمخاوف والدعوات المعاقة والمعيقة لكل انطلاقة ثقافية كبرى تليق بتاريخنا وأحلامنا ومستقبلنا . يكفينا أن ندعو إلى المحلية المتحجرة بينما غيرنا قد غزا العالم بدوليته وعالميته ، يكفينا هذا الصراع الفارغ والهمجي الذي نخوضه فيما بينا ، يكفينا هذ الفشل الذي نحصده بتكاسلنا وخمولنا وضعفنا . يكفينا كل هذا لننهض من جديد ونبدأ من الصفر كما بدأت دول أخرى وأصبحت الآن في المقدمة تقودنا بما يوافق مصالحها ، بينما نحن سبقناها في التحضر والعلم والمعرفة ، يكفينا كل هذا أيها المثقفون لنبني غدا أفضل وأرحب وحر ومنفتح ، متأثرا ومؤثرا ، وقادرا على مواجهة غزو العولمة الفتاك .نتفق جميعا أن الثقافة تحضر في كل شيء ، في جميع مجالات المارسة الحياتية ، لكن الجدار الذي تصطدم به هو ضعفها وتخلفها ودعم قدرتها على الخلق والإبداع ، كما تصطدم بكثير من الحواجز المتحجرة الموغلة في التقليدانية والتخلف والرجعية ، وبتقاليد متقوقعة تدعى المحافظة والأخلاق ، كالانتقاد الذي يوجه لكتابة في الجنس أو الحب أو عن المرأة مثلا ، وتصطدم كذلك بالدعوة إلى الرجوع إلى الماضي وإلى السلفية الهمجية التي لا تؤمن بالاختلاف والحوار والرأي الآخر .كل هذا يساعد في قلة الإبداع والإنتاج الفكري والأدبي مقارنة مع جيرانا الذين عبدوا الطريق قليلا لابتعاد عن منطقة الخطر التي مازلنا لم نبرحها بعد ونحن على مشارف القرن الواحد والعشرين .نتمنى أن يكون المستقبل أحسن وأفضل ، وتكون الأصوات الثقافية والفكرية في بلادنا في مستوى المسؤولية التي وقعت عليها . كما نتمنى أن يكون هناك مجال لحرية الفكرية التي بدونها لن يكون هناك أي تقدم إلى الأمام

التلميذ القروي وعلاقته بالمنظومة التربوية المغربية :

يدل الوضع التلاميذي في مدارسنا العمومية بالعالم القروي خاصة ، على أننا لا زلنا لم نبرح عصور الانحطاط العربي الذي عانينا منه خلال قرون عديدة ، فالوضع المزري اجتماعيا واقتصاديا وتثقيفيا واضح كل الوضوح على محيا كل تلميذ تمر به في طريقه إلى المدرسة وهو يرتدي أسمالا ، ويحمل كيلوات عظيمة من الكتب والأدوات على ظهره ، ويفترس المسافات الطويلة من أجل تحصيل معرفة هي الأخرى بدورها معاقة ولا ترقى إلى مستوى المعرفة المتاحة كونيا . كل هذه الظروف الصعبة وذروف أخرى مشابهة تتجلى في التربية الناقصة والتشبع بعادات وتقاليد زائلة وجاهلة ومتخلفة ، تزيد من صعوبة التعامل معه ، ويصعب على مدرسه التواصل معه في ظل الهوة الساحقة التي تربط بين ثقافته ( أي التلميذ ) وبين المقررات الدراسية والبرامج التعليمية البعيدة كل البعد عن طموحات المدرسة لخلق رجل المستقبل الأفضل .وإذا تتبعنا بجلاء الوضع التعليمي بالعالم القروي حاليا ، سنجد أن البنيات التحتية المهترئة ، والمنعدمة في بعض الأحيان ، وغير المجهزة بالوسائل الضرورية غالبا ، وكذلك نقص الالموارد البشرية من مدرسين وإداريين وجمعيات عاملة بالقطاع ، يدفع بنا إلى الإيمان بوجود خلل في المنظومة التربوية ببلادنا ، وضعف في تحمل المسؤولية العظيمة الموضوعة على عاتق المسؤولين على القطاع . فكيف سنرفع من عملية الجودة في التعليم وبعض مدارسنا بالعالم القروي بها مستويات تعليمية مشتركة من قسمين وأربعة أقسام ويصل عدد التلاميذ بها إلى 50 تلميذا أو أكثر ؟ أليس لهذه العشوائية في التسيير والتدبير والتخطيط دور في تردي المستوى التعليمي ببلادنا وإسقاطه إلى مرتبة الحضيض ؟ وما المانع من توظيف رجال تعليم جدد يحلون إشكالية الخصاص الكبير الذي تعانيه الكثير من المدارس العمومية ؟ .يبقى الطفل المتمدرس هو الضحية الكبيرة من هذا الإصلاح المزعوم ، وتبقى المدرسة التي تؤويه معظم الوقت ، أكثر مما يقضيه مع أسرته في البيت ، هي الأخرى مهمشة إصلاحيا وبنيويا وتجهيزيا ، ثم يأتي وقت متأخر ونطلب من المدرسة المغربية أن تخرج لنا مواطنين صالحين عباقرة ذوي شهادات علمية وفكرية متنوعة تشرف القطاع التعليمي برمته ، أليس هذا من قبيل الكيل بمكيالين في قطاع تضع كل الأمم عليه طريق تقدمها وقوتها ؟ وما معنى أن نبقى على نفس الوتيرة التعليمية منذ الاستقلال إن لم نقل منذ فجر التاريخ ، بخلق برامج معاقة ومعيقة ، وموارد بشرية ناقصة عدة وعددا ... ظ وماذا فعل الطفل المغربي عامة ، والقروي خاصة كي نعامله بهذا الإجحاف المعرفي والتعليمي الذي نقدمه إليه بوسائل موغلة في التقليدانية والبساطة ؟ .يستحق الطفل منا أكثر لبراءته أولا ، ولتميزه ثانيا في التعلم السريع ، ولاعتباره قاطرة التقدم وعنوان المستقبل الزاهر الذي ننشده ثالثا ، يستحق فعلا أن نعمل بكل جهودنا كي نخلق له معرفة تقدمية حديثة تضعه فوق البساط الأزرق الذي يحمل أغلب أطفال العالم المتقدم . ولن يكون هذا الأمر ممكنا ، إلا بتضافر الجهود الصغيرة والكبيرة ووضع اليد في اليد من أجل خلق هوية ثقافية ونظرية علمية جديدة وطنية وهادفة تمكنه من منافسة باقي أطفال العالم المتقدم الذين قطعوا أشواطا كبيرة في التقدم التعليمي والمعرفي ، وأصبحوا يشاركون في صنع القرار والتحكم في دواليب المؤسسات العمومية والشركات .... إلخ . ولن يكون هذا صعبا على الطفل المغربي المليء بالمفاجآت المعرفية وبحب التعلم والاستطلاع والتنقيب والبحث ، إلا بمساعدته وفتح الباب أمامه من أجل تحقيق هذه الأمور جميعها . والواقع أن الطفل لم يثر ولم يتجبر في طلب العلم ، ولم يبد رأيا في برنامج أو مقرر ، ولم يصدر في عمل من أعمال التغيير والتبديل التي تعم الميدان ، وإن فعل ذلك سيجابه بشتى الانتقادات ويعتبرونها سابقة من السوابق التي ننعم فيها على مستوى المؤسسات في بلادنا . ثم يقولون أن الإصلاح الجديد أتى للطفل بالتعلم الذاتي ، وبالحرية في التعبير والرأي والنقد ، وأتى له بالحرية في المشاركة في صياغة البرامج والمقررات . لعل هذه سابقة أن يقولوا مثل هذا الكلام ، بينما إذا تمعنا في المقررات والبرامج الجديدة نجد أن المادة التعليمية المقدمة لا تخدم هذا الشرط ، وبالتالي نجد أن مسألة الكيلبمكيالين واضحة كل الوضوح تكاد تصير نكتة جديدة بقطاعنا التعليمي .سبب هذا كله هو أن الطفل المغربي لم يرق إلى مستوى المطالبة بحقوقه المشروعة في التعلم ، والتبعة في ذلك واقعة بالدرجة الأولى على الأسرة التي ترعرع فيها هذا الطفل وكبر ، محاطا بتعقيدات التقاليد والبدع ، وموانع الانتقاد والتأثر من الآخرين بقدر ما يتأثر هو بهم ... فإذْا هي صورة تثير في النفس الازدراء والتجهم ، وهي تصلح أن تكون مادة دراسية تدرس دون معرفة الغطاء الذي يلفها مثلما الأمر بالنسبة لكثير من المواد الدراسية داخل مدرستنا المغربية . وبالدرجة الثانية تقع التبعة على القائمين على قطاع التربية والتعليم الذين مافتئوا يخلقون مواطنا على مقاسهم ومقاس البنوك الدولية والمؤسسات المالية العالمية ، تارة ببرامج مسمومة قد زرعت فيها مبيدات معرفية غربية فاسدة ، وتارة بخلق معارف تقليدية راجعة إلى التخلف والانحطاط لا تنفع المستقبل في شيء ، ويعدونها حسب معاييرهم من التاريخ ، وماهي من التاريخ بشيء ، أو يجعلونها من أمور الدين والأخلاق ، ما هي من الدين والأخلاق بشيء ...وتصدق هذه المقالة على الطفل المغربي كما تصدق على الكثير من أطفال الدول المتخلفة . والطفل المغربي الذي نتحدث عنه في هذه المقالة ، هو الطفل المرتقب يعرف ما له وما عليه ، ويعرف مبلغ قدرته على التعلم ومتابعة المستجدات المعرفية بوسائل متطورة وجديدة ، ويكون كل هذا بمساعدة مدرس هو الآخر متشبع بفلسفة المعرفة العابرة للقارات بدون حدود لكي يتسنى له أن يكون ذلك الموجه الصادق للطفل من أجل استدعاء معرفة عظيمة يرتقي إليها الكل .قد يغضب الطفل أو يثور ، وتشتد العصبية عنده لتزداد إلى مرحلة الخصومة مع الذات ، فيعمد انتقاما إلى الانقطاع عن الدراسة ، أو عدم الانتباه إلى الدروس ، ويشفي قلبه من هذا الحقد الذي يشعر به نحو نوعية التعلمات والمعارف المقدمة إليه . وقد يخفي في نفسه الغضب والثورة ، ويعمد إلى ضبط أعصابه وإلى تكلف الحضور والمتابعة داخل القسم ، لكنك تحس به وكأنه هائم في واد سحيق لا يقدر الخروج منه إلا بالصبر والاحتمال ، نظرا لتدخل ظروف أخرى تساعده على التحمل كالخوف من الأب مثلا إن هو تخلف عن المدرسة ... وانطلاقا من كل هذا نجد أن الطفل بنوعيه هو ضحية قرارات وقوانين مجحفة ، وضحية لمعارف وتعلمات منسحقة وتقليدية وتورث الغثيان أحيانا ، وأحيانا تورث الغضب والأعصاب . وهذا يتضح ميدانيا بحكم علاقتنا بالطفل داخل القسم ، فمهما تعمل من جهد وتشويق وتحبيب للمادة الدراسية ، فإنك تجد الجفاء من الطفل نحوك ونحو المادة المدرسة ، فتارة بعدم الاهتمام بمتابع ةالشرح والحوار والمناقشة وذلك بالسفر بخياله في أمور تخصه ، وتارة بخلق الضجيج والصخب وكأنك داخل قاعة للمسرح قبيل بدء العرض المسرحي . أما ما يزيد الطين بلة هو الغياب المتقطع لبعض التلاميذ عن الدروس ، بحجة مساعدة الأسرة في العمل الفلاحي ، أو التسوق كل أسبوع لشراء المؤونة المنزلية في حال غياب الأب ، وكل هذه المبررات واهية وكاذبة ، والحقيقة أن الطفل لم يجد فيما يقدم إليه متعة معرفية أو مودة تذكر .ولا يمكن أن نقصر هذا العزوف عن المادة المدرسة وعدم الاهتمام بالمعارف التي تحتويها فقط على الطفل التلميذ ، ولكن يمكن أن يصل الأمر إلى المدرس ، فهو بدوره - ونقول البعض من المدرسين - وهذا بحكم علاقاتنا ببعضهم داخل الميدان ، يجدون أن المواد الدراسية والمعارف الجديدة التي تقدمها لا تصل إلى مرتبة ربط علاقة ود ومودة معها ، أو محاولة الاقتناع بجدواها وتأثيرها في المتلقي والمتتبع لها . وكل هذا يدفعنا لأن نقول بأن برامجنا ومقرراتنا التعليمية الجديدة فشلت في خلق جو معرفي وفكري وتعليمي جديد يأتي من ورائه الخير للجميع ... فالاهتمام بالمظهر الخارجي للكتب الدراسية ليس حلا للتغلب على الفشل والرداءة والتعاقد مع أقطاب ونخب لا تمت بصلة إلى الميدان كمراقبة أو ملاحظة أو مشاركة في الصياغة بدوره ليس عملا مستحسنا في الميدان التعليمي نظرا لشساعة المسافة التي تربط التعليم بباقي ميادين الحياة على الأقل في السنين التي يقطعها الإصلاح من عمره .ولذا كان مطلب الاهتمام بالطفل أولا ، في كل صياغة جديدة للبرامج والمناهج والمقررات ضروريا دون أن يقوم على المواربة واستحضار المصالح الذاتية ، بل الهدف هو القيام على أرض الواقع ، وعلى المثل العليا الوطنية ، وعلى الهوية المغربية وتراث البلد العظيم هذا ...