vendredi 28 mars 2008

ليس دفاعا عن معرض القاهرة للكتاب : محمد شكري يفتح الجدل من جديد :

:أعاد القائمون على المعرض الدولي للكتابا بالقاهرة المصرية الجدل حول منع روايات الكاتب المغربي الراحل محمد شكري ، بحيث حطم المعرض الرقم القياسي في المدة التي لحقت روايات الكاتب المغربي فاقت ثلاثة عقود . لقد شكلت روايات وكتابات محمد شكري نقاشا حادا بين العديد من النقاد والكتاب العرب في كل البلاد العربية لأن هذه الكتابات عرف عنها جرأتها ودخولها عالم المحظورات في التعاطي مع الكتابة في عالمنا العربي . ورغم القناعة العميقة بضرورة إيجاد مساحة من الحرية للمبدع والكاتب لإنتاج كتب وروايات ودواوين تثري المكتبة العربية بها رفوفها الشبه فارغة نتيجة للعديد من الأمور الأخرى المتعلقة بسوق النشر والتوزيع وبمستوى القراءة في العالم العربي عماوما ، لكن مطالب احترام الحد الأدنى من الأخلاق في الإبداع والكتابة كانت بالمرصاد لمثل هذه الكتابات والإبداعات . وقد وجدت هذه المطالب قدرتها على التواجد القوي في مصر خاصة ، بحيث ظهرت توجهات تفرض نمطا معينا من الرؤى الفكرية والأدبية التي يجب أن يستحضرها أي كاتب أو مبدع ، ولم يسلم العديد من المفكرين والمبدعين من عقوبات واعتداءات معنوية ومادية جراء تجرئهم على تخطي هذه الخطوط المرسومة عليهم من طرف لوبي ديني قوي متمثل في الأزهريين وبعض أقطاب الحركات الإسلامية والسلفية في مصر . ونذكر كمثال هنا ما وقع للمفكر والكاتب اليساري والعلماني نصر حامد أبو زيد الذي تعرض للكثير من المضايقات تمثلت في مطالب بتصفيته وتطليق زوجته ، وأيضا ما وقع للأديب الكبير نجيب محفوظ في الاعتداء الشهير الذي أفقده القدرة على الكتابة بيديه لسنين طويلة .إن القاريء لروايات وكتابات الراحل محمد شكري سيجد أن هذا الكاتب يسلك دربا وحيدا وواحدا في خطه الأدبي لا يكاد يخالفه في أغلب كتاباته . بحيث أن أغلب إبداعاته تنحو منحى نقديا لواقع مجتمعي مهمش ، بل يريد من خلال أدبه أن يفضح واقعا مجتمعيا غارقا في الفساد والشذوذ والأمراض الاجتماعية الكثيرة الموجودة فقط في مخيلته ، وكأن أي مجتمع عنده لا يمكنه أن يتميز بما يخالف رؤيته هذه . لقد كتب محمد شكري أغلب كتبه ورواياته في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي ( ق . 20 ) ، وهذا القرن لم يكن يعرف كل هذه الأمور التي ذكرها محمد شكري ، بل كان قرنا مازالت المجتمعات العربية لا تقبل كل هذه الأمراض والتجاوزات الأخلاقية ، بل إن روايته ( سيرته ) " الخبز الحافي " والتي بعد قراءتها يحس المرء وكأنه يعيش في مجتمع غارق في كل هذا الدرن والفساد الأخلاقي والاجتماعي ، بل نقل لنا واقع أسرة مغربية ( أسرته هو ) من ستينيات القرن العشرين مفككة وغارقة في كل أنواع الرذيلة . وبهذا لا يمكننا أن نذهب معه في هذه الرؤية ، فحتى لو وجد شخص أو أكثر في أسرة ما فاسدا فهذا الأمر لا يمكنه أن ينطبق على جميع أفرادها .إن كتابات محمد شكري تكاد تكون متشابهة في رؤيتها الأدبية للمجتمع المغربي المعروف بمحافظته المفرطة ، ولذلك نراه قد جنى على هذا المجتمع الذي ينتمي إليه هو ، وما عمله هذا المفرط في النقد اللاذع سوى فعل يريد من ورائه شيئا آخر قد ندخله ضمن طلب الشهرة والمال والجاه في عالم يبحث عن مثل هذه الخرجات وهذه الكتابات التي تضرب قيم المجتمع ودينه وأخلاق أفراده . ولقاريء روايات محمد شكري أن يتبين هذه الأمور ، وحقيقة فبعد قراءتي لأغلب رواياته وجدت أن محمد شكري لم يكن منصفا في رؤيته للمجتمع المغربي في زمان كان هذا الأخير مجتمعا محافظا ومتماسكا بين أفراده ، وحتى هذه الفلتات التي أتى بها وعلى ذكرها كانت قليلة جدا سرعان ما يتم التغلب عليها ، بل لا يستطيع الخارج عن الأخلاق والقيم المجتمعية والدينية أن يجهر بفعله وإلا حصد حقد الناس جميعا ، وبذلك يمكننا أن ندعي بأن الكاتب قد مارس الخيال في كتاباته أكثر من الحقيقة والنقد البناء لواقع مجتمعه .ونمر إلى مسألة منع رواياته بمعرض الكتاب بالقاهرة لنقول بأن للقائمين على المعرض أن يروا ما يناسب رؤريتهم القيمية والثقافية والأخلاقية . وفي الحقيقة ورغم كرهي للمنع والحظر على الإبداع لكنني أجد نفسي هنا مضطرا إلى عذر القائمين على هذا المعرض ، بحيث أجد عذري له مبررا مادمت لا أحتمل بقاء رواية " الخبز الحافي " في مكتبتي الشخصية بمنزلي وتزيينها بها لأنها رواية لا ترقى إلى مستوى روايات كتاب مبتدئين تعالج قضايا حساسة ومهمة عوض الحديث عن الشذوذ والدعارة والعادة السرية .... وغيرها من الأمور التي تمرض العقل والقلب .قد يقول البعض بأنني متزمت في رؤيتي هذه ، ولكن في الحقيقة لا أرى أن هناك تزمت في هذه الرؤية . فلا يعقل لهؤلاء أن يطالبوا بمقاطعة معرض تدنسه إسرائيل بحضورها فيه كمعرض باريس بفرنسا أو بمعرض تورينو بإيطاليا ، ولا يدعمون قرار معرض دولة عربية ( إسلامية ) تريد منع روايات فاسدة فارغة من أي إبداع وأدب حقيقي . ولا يمكن انتقاد رواية لكاتب شاذ كعبد الله الطايع المغربي وقبول روايات لمحمد شكري لا تختلف عن هذه الرواية في موضوعها ورؤية كاتبها . ومن هنا يمكننا تقبل هذا المنع وهذا القرار الذي اتخذته إدراة المعرض .

Aucun commentaire: